للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّبي صلّى الله عليه يخطُبُ قائمًا (١)، ولقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (٢).

وقال أبو حنيفة: تجزئ الخُطْبة قاعدًا؛ (٣) لأنّ القَصْدَ الإسماع وقد حصلَ.

قلنا: صحَّ من حديث ابن (٤) سَمُرَةَ؛ أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ قائمًا، ثم قَعَدَ قعدةً لا يتكلّم (٥). فمَنْ أخبر (٦) أنّ النَّبىَّ خَطَبَ قاعدًا فلا تصدِّقه.

قال الإمام: وملازمةُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، والصّحابة القيام أصلٌ في الوجوبِ المختصِّ به، والعمدةُ فيه ما قدَّمناهُ من قوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} فَذَمَّهُم، وذلك دليل الوجوب المختصّ به، لا سيّما وقد قلنا إنه عِوَضٌ من الرَّكعتين، والقيامُ واجبٌ في العِوَضِ، فوجب في المُعَوّضِ.

المسألة الحادية عشر:

قال علماؤنا: ولابدَّ للخطيب أنّ يجلسَ بين الخُطبَتَيْن؛ لأنّها عند مالك إمام دار الهجوة سُنَّةٌ. وعند الشّافعيّ (٧) وإجبة. وعند أبي حنيفة بالخِيَارِ إنّ شاء فَعَلَ، وإن شاء لم يفعل.

والعمدةُ فيه: إنّما قصرت الجمعة لأجل الخُطْبَة، فجاء من هذا أنّ الخُطْبَة عِوَضٌ من الرَّكعتين، والجمعة ركعتان، ولابدَّ فيهما من الجلوس ليفصل بينهما بسكوتٍ.

المسألة الثّانية عشر (٨):

قال علماؤنا: والخُطبَةُ عندنا كلامٌ له بالٌ، وأقلّه الحمدُ لله والصّلاة على رسوله، ويحذِّر ويبشّر (٩).

وقال بعضُ القَرَوِييِّن: لابدّ أنّ يأتي في خُطْبَتِه بسَجْعٍ تنتظمُ به خطبته. وتكونُ


(١) رواه البخاريّ معلَّقًا (الحديث الّذي قبل: ٩٢٠) باب الخطبة قائمًا، وقد وصله في باب الاستسقاء
الحديث (٩٣٣). وانظر تغليق التعليق: ٢/ ٣٦٣.
(٢) الجمعة: ١١
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٣٤.
(٤) "ابن" زيادة من العارضة والمصادر.
(٥) أخرجه مسلم (٨٦٢)، وأبو داود (١٠٩٣)، والنسائي في الكبرى (١٧٨٣).
(٦) ج: "أخبرك".
(٧) في الأم: ٣/ ٨٦، وانظر الحاوي الكبير: ٢/ ٤٣٢.
(٨) انظرها في العارضة: ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧.
(٩) الّذي في العارضة: "ويحَذِّر ويسِّر، ويقرأ شيئًا من القرآن، ولا يطيلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>