للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجَتمِعونَ في صلاةِ العصرِ، ثُمَّ يَعرُجُ الّذين بَاتُوا فِيكُم" (١) قال (٢): فهيَ وقت العرُوج وعَرْض الأعمال على الله عَزَّ وَجَلَّ، فيُوجِبُ اللهُ تعالى فيهِ مغفرته للمصلِّين (٣) من عباده.

ولذلك شدَّدَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - على من حَلَفَ على سِلْعَةٍ بعد العصرِ، لقد أعطي بها أكثر، تعظيمًا للساعة. وفيها يكون اللِّعان والقَسَامَة.

وقال المفسِّرون في (٤) قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} (٥) إنّها بعد صلاة العصر (٦)، وأكثر العلماء على أنّها بعد العصر (٧).

قال الإمام: والّذي عندي فيها أنّها في يوم الجمعة كلَّه، وأنّها مبهمةٌ فيه، كَلَيْلَةِ القَدر والصّلاة الوسطى، لكي يجتهد النَّاس فيها بالدّعاء والصّلاة، والله أعلمُ.

حديث أبي هريرة (٨)؛ قال: خَرَجْت إِلَى الطُّورِ، فَلَقِيتُ كَعْبَ الأَحْبَارِ، فَجَلَسْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثَنِي عَنْ التَّوْرَاةِ، وَحَدَّثتُهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فَكان مِمَّا حَدَّثْتُهُ أَنْ قُلْتُ: قَالَ رَسُوُل اللهِ: "خَيرُ يَومٍ طَلَعَت فِيهِ الشَّمسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ" الحديث.

صحيحٌ حَسَنٌ (٩). وفيه ثمان (١٠) مسائل:

المسألة الأولى (١١): قوله "خَرَجْتُ إلَى الطُّورِ"

الطُّور في كلام العرب واقع على كلِّ جَبَلٍ، إلّا أنّهُ يطلق في الشّرع على جبلِ بعينه، وهو الّذي كُلِّمَ فيه موسى -عليه السّلام-.

وقوله: "فحدَّثَنِي عن التّوراة" يعني: أخبره بما في التّوراة على وجه القصص


(١) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٤٧٢) من حديث أبي هريرة.
(٢) القائل هو المهلَّب بن أبي صفرة كما في شرح ابن بطّال.
(٣) جـ: "للمسلمين".
(٤) في شرح ابن بطّال: "وقيل في".
(٥) المائدة: ١٠٦.
(٦) قاله شُرَيْح، والشَّعبىّ، وسعيد بن جُبَيْر، وقتادة. نصَّ على ذلك المؤلِّف في أحكام القرآن: ٢/ ٧٢٤.
(٧) وهو الّذي نصره الطّبريّ في تفسيره: ٧/ ١١١.
(٨) في الموطَّأ (٢٩١) رواية يحيى.
(٩) هذا الحكم هو للإمام الترمذي في جامعه (٤٩١) (ط. شاكر).
(١٠) م، غ: "جملة".
(١١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٠١، وقد سقطت من: م، غ.

<<  <  ج: ص:  >  >>