للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السادسة (١): قوله (٢): "وَفِيهَا سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ"

وقدَّمنا اختلاف العلماء من الصّحابة والتّابعين في تحديدها. وأَصْفَقَ (٣) جِلَّةُ العلماء على أنّها بعد العصر، وهو مذهب أبي عيسى (٤)، وروى الدّارقطني أنّها عند نزول الإمام (٥)، وروى مسلم (٦) أنّها حين يجلس الإمام على المنبر حتّى تقوم الصّلاة، وهو أصحّه، وبه أقول؛ لأنّ ذلك العمل في ذلك الوقت كلّه صلاة، فينتظم به الحديث لفظًا ومعنىً.

المسألة السّابعة (٧):

قَوْلُ بَصْرَة بن أَبِي بَصْرَةَ (٨): لَوْ أَدْركْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ، مَا خَرَجْتَ، سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لاَ تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِد الحَرَام، وَإِلَى مَسجِدِي هَذَا، وإِلَى مَسْجِدِ إِيلْيَاءَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".

فقوله: "لاَ تُعْمَلُ المَطِيُّ"يقتضي أنّ مَنْ نذَرَ صلاةً في مسجدِ البَصْرَةِ أوِ الكوفَةِ، فإنه يُصلِّي بمَوْضِعِه ولا يأتيه، لحديث بَصْرَةَ المنصوص، وذلك أنّ النَّذر إنّما يكون فيما فيه القُرْبَة، ولا فصيلةَ لمساجد البلاد بعضها على بعضٍ. وأمّا من نَذَرَ الصَّلاة أو الصِّيام، أو في شيءٍ من مساجد الثُّغُورِ، فإنه يلزمه إتيانها والوفاء بِنذره؛ لأنّ نَذْرَهُ لم يمن بمعنى الصّلاة (٩)، بل قد اقترنَ بذلك الرِّباط، فوجب الوفاء به. ولا خلافَ في المنع من ذلك في غير المساجد الثّلاثة، إلَّا ما قالَهُ ابن مَسْلَمَة في "المبسوط" فإنه أضافَ إلى ذلك مسجدًا رابعَا وهو مسجد قُبَاء، فقال: من نذرَ أنّ


(١) انظر بعضها في العارضة: ٢/ ٢٧٥.
(٢) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الترمذي (٤٩١)، وإلّا فإنّ لفظ حديث الموطَّأ (٢٩١): "وفيه ساعةٌ لا يصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي".
(٣) أي أجمعوا وأطبقوا.
(٤) في جامعه الكبير: ١/ ٥٠٠ حيث روى حديث أنس (٤٨٩) الّذي قال فيه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "التَمِسُوا السَّاعةَ الْتي تُرْجَى في يوم الجمعة بَعْدَ العصر إلى غيبوبة الشّمس".
(٥) لم نجده في سنن الدّارقطني.
(٦) الحديث (٨٥٣) عن ابن عمر.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٠٢.
(٨) في حديث الموطَّأ (٢٩١) رواية يحيى.
(٩) في المنتقي: "لأنّ نذره قصدها لم يكن لمعنى الصّلاة فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>