وكيف إذنها؟ قال أن تسكت ". وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها ". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويستثنى من هذا تزويج الرجل ابنته التي لم تبلغ تسع سنين بالكفء، إذا رأى المصلحة لها في ذلك بغير إذنها لكونها لا تعرف مصالحها، ويدل لذلك تزويج الصديق ابنته عائشة أم المؤمنين للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهي دون التاسعة بغير إذنها، فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتقي الله في كل أموره وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله في النكاح وغيره، وفي إتباع الشريعة والتمسك بهدى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، خير الدنيا والآخرة والسعادة الأبدية. جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكم جرى بسبب إجبار النساء على من لا يرضين به في النكاح من فتن ومشكلات وشحناء وخصومات، وذلك بعض ما يستحقه من خالف الشريعة المطهرة وتابع هواه. نسأل الله العافية مما يخالف رضاه.
ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنه العم ومنعها من التزويج بغيره، وهذا منكر عظيم وسنة جاهلية وظلم للنساء، وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دماء وغير ذلك. فالواجب على من يخالف الله أن يحذر ذلك ويحذره أقاربه، وقد أرشد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، إلى استئذان النساء وأن لا يزوجن إلا برضاهن. فالواجب على الأولياء أن ينظروا في مصلحة النساء وأن لا يزوجوهن إلا بالأكفاء ديناً وخلقاً بعد إذنهن، وبذلك تبرأ الذمة ويسلم الأولياء من العهدة. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن عليهم بالفقه في دينه والتواصي بطاعته وطاعة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وأن يصلح ولائهم ويمنحهم البطانة الصالحة، إنه على كل شيء قدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.