ج - لله كمال العلم والحكمة واللطف والرحمة فهو عليم بشؤون خلقه رحيم بعباده، حكيم في خلقه وتشريعه. فشرع للناس ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وما يكفل لهم السعادة الحقة والحرية والمساواة لكن في نطاق عادل وهدي شامل وفي حدود لا تضيع معها حقوق الله ولا حقوق العباد. وأرسل بهذا التشريع رسله مبشرين ومنذرين فمن اتبع سبيله واهتدى بهدى رسله كان أهلاً للكرامة ونال الفوز والسعادة، ومن أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل به ما يكره من قتل أو استرقاق، إقامة للعدل وتحقيقاً للأمن والسلام. ومحافظة على النفوس والأعراض والأموال من أجل ذلك شرع الجهاد أخذاً على يد العتاة وقضاء على عناصر الفساد، وتطهير الأرض من الظالمين ومن وقع منهم أسيراً في يد المسلمين كان الإمام مخيراً فيه بين القتل إن فحش شره ولم يرج صلاحه، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه إن كان المعروف يملكه. ويسهل به إلى خير، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه إن كان المعروف يملكه، ويسهل به إلى خير، وبين أن يسترقه إن رأى أن بقاءه بين أظهر المسلمين يصلح نفسه، ويقوم اعوجاجه ويكسب معرفة بطريق الهدى والرشاد وإيماناً بها واستسلاما لها. لما يراه من عدل المسلمين معه وحسن عشرتهم وجميل معاملتهم له. ولما يسمعه من نصوص التشريع في أحكام الإسلام وآدابه فينشرح صدره للإسلام ويحبب الله إليه الإيمان ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وعند ذلك يبدأ حياة جديدة مع المسلمين يكون بها أهلا لكسب الحرية بطريق الكتابة كما قال - تعالى - " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ". أو بطريق العتق في كفارة يمين أو ظهار أو نذر ونحو ذلك أو بطريق العتق ابتغاء وجه الله ورجاء المثوبة يوم القيامة إلى غير ذلك من أنواع التحرير.
وبهذا يعلم أن أصل الاسترقاق إنما هو عن طريق الأسر أو السبي في جهاد الكافرين لإصلاح من استرقوا بعزلهم عن بيئة الشر وعيشتهم في مجتمع إسلامي يهديهم سبيل الخير