ومن أهل العلم من يقول إن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية، وذلك لأن النجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل وليس هناك دليل على ذلك. وإذا لم يثبت بدليل شرعي أن الخمر نجس فإن الأصل هو الطهارة.. وقد يقول قائل إن الدليل من كتاب الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فإنه أي المطعوم المذكور من الميتة ولحم الخنزير والدم المسفوح (فإنه رجس) أي نجس، والدليل على أن المراد بالرجس هنا النجس قوله صلى الله عليه وسلم في جلود الميتة أن الماء يطهرها، فقوله " يطهرها " دليل على أنها كانت نجسة، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم.. ولكن يجاب على ذلك بأن المراد بالرجس هنا الرجس العملي، لا الرجس الحسي بدليل قوله {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} وبدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة نجاسة حسية، والخبر هنا فيه إخبار عن الأربعة الخمر والميسر والأنصاب والأزلام.. فإذا كان خبراً عن هذه الأمور الأربعة فهو حكم عليها جميعاً بحكم تتساوى فيه. ثم إن عند القائلين بأن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية لديهم دليل آخر من السنة، وهو أنه لما نزل تحريم الخمر لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الأواني منها، وكذلك فإن الصحابة أراقوها في الأسواق ولو كانت نجسة ما أراقوها في الأسواق لما يلزم من تلويثها وتنجيس المارة بها. ثانيًا إذا تبين أن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية وهو القول الراجح عندي فإن الكحول لا تكون نجسة نجاسة حسية بل نجاستها معنوية، لأن الكحول المسكرة خمرٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " كل مسكر خمر "، وإذا كانت خمراً فإن استعمالها في الشرب أو الأكل بأن تمزج بشيء مأكول يظهر تأثيرها فيه حرام بالنص والإجماع.. وأما استعمالها في غير ذلك كالتطهير من الجراثيم ونحوه فإنه موضعُ نظر فمن تجنبه فهو أحوط.. وأنا لا أستطيع أن أقول إنه حرام لكني لا استعمله بنفسي إلا عند الحاجة مثل تعقيم الجروح وغير ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
[حكم طهارة من ابتلي بخروج الريح باستمرار]
س إذا كان المسلم مريضًا بمرض يجبره على إخراج من دبره بالقوة، ويواجه هذا المسلم صعوبة شديدة في صد خروج الريح. فهل إذا خرج الريح والمسلم المريض يصلي