وقد نزه الله هذه الأمة المحمدية وحفظها من أن تجتمع على ضلالة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة أنه قال " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ". فيستحيل أن تجتمع الأمة في أشرف قرونها على باطل وهو خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر كما لا يقوله من له أدنى بصيرة بحكم الإسلام.
* * *
[لا صلاة في حجرة القبور]
س جادلتُ بعض الذين يُفتون بإباحة الصلاة في المقبرة، وفي المسجد الذي فيه قبر أوقبور، فدحضت شبههم بالأحاديث الصحيحة الصريحة، غير أنهم قالوا أين كانت عائشة رضي الله عنها تصلي بعد أن دفن في بيتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل كان قبره في داخل بيتها أم خارجه؟ وقالوا أيضا كيف وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المسجد الحرام، وقد دفنت فيه هاجر زوج إبراهيم عليه السلام وبعض الأنبياء؟ وعلى هذا فإني ألتمس منك يا فضيلة الشيخ أن تخبرني هل صحيح ما ذكروا من وجود هاجر في البيت الحرام وبعض الأنبياء, وهل صحيح أن عائشة كانت تصلي في بيتها وقد قُبر فيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجود قبر هاجر وبعض الأنبياء في المسجد الحرام؟
ج ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته الذي لم يَقم منه "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "، قالت عائشة رضي الله عنها (يُحذّر ما صنعوا, ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يُتخذ مسجدا) . وفي رواية ولكن خشي أن يتّخذ مسجدا، وفي رواية للبخاري غير أني أخشى أن يتّخذ. وبهذا يعلم أن المساجد المبنية على القبور لا تجوز الصلاة فيها وبناؤها محرم.
وأما ما جاء في السؤال من قول السائل أين كانت عائشة رضي الله عنها تصلي بعد أن دفن في بيتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره , في داخل بيتها أم خارجه؟
فالجواب أن عائشة رضي الله عنها ممن روى الأحاديث الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ القبور مساجد , وهذا من حكمة الله جل وعلا. وبهذا يعلم أنها ما كانت تصلي في الحجرة التي فيها القبور, لأنها لو كانت تصلي فيها لكانت مخالفة للأحاديث التي روتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يليق بها وأما كون هاجر مدفونة بالمسجد الحرام أو غيرها من الأنبياء فلا نعلم دليلا يدل على ذلك.