ج- إذا كان مكسب الوالد حراماً فإن الواجب نصحه، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً، أو تستعينون بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو تستعينون بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا المكسب الحرام، فإذا لم يتسر ذلك فلكم أن تأكلوا منه بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
[حكم مخالطة أكل الحرام وأكل طعامه]
س - بعض المسلمين عندنا في بريطانيا جمعوا أموالهم من الحلال والحرام، وذلك أنهم تجار ومما يتجرون فيه الخمور ولحوم الخنازير وهم على درجات متفاوتة في ذلك، فمنهم من أكثر ماله من الحرام، ومنهم من كسبه من الحرام قليل، فهل يجوز لنا نحن المسلمين مخالطتهم وأكل طعامهم إذا دعونا؟ وهل يحل لنا قبول تبرعاتهم من هذا المال لصالح المسجد؟
ج- أولا عليك أن تنصح لهم وتحذرهم سوء عاقبة الاتجار في المحرمات وكسب المال من الحرام، وتتعاون مع إخواتك من أهل الخير على تذكيرهم وإنذارهم بأس الله وشديد عقابه على من عصاه، وحاربه بارتكاب المنكرات وتعريفهم أن متاع الدنيا قليل، وأن الأخرة خير وأبقى، فإن استجابوا فالحمد لله وهم بذلك إخوان لكم من الله، ثم انصحوهم برد المظالم إلى أهلها إن عرفوهم، وأن يتبعوا السيئة الحسنة عسى الله أن يتوب عليهم ويبدل سيئاتهم حسنات، وحينئذ يجوز مخالطتهم مخالطة الإخوة والأكل من طعامهم وقبول تبرعاتهم في وجوه البر من بناء مساجد وفراشها ونحو ذلك، لأنهم بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها حسب الإمكان يغفر لهم ما قد سلف لقول الله - عز وجل - في المرابين " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " الآية.
ثانيا إن أبوا بعد النصحية والتذكير إلا الإصرار على ما هو فيه من المحرمات فإنه ينبغي أن تهاجروهم في الله، وألا تستجيبوا لدعوتهم وإلا تقبلوا تبرعاتهم زجراً لهم وإنكاراً