للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنعيم فأتوا بعمرة أخرى وفي آخر الشهر يخرجون أيضاً إلى التنعيم فيأتون بعمرة ثالثة وهذا العمل لاأصل له في الشرع فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً ولم يخرج إلى التنعيم ليأتي بعمرة مع أنه، صلى الله عليه وسلم، فتح مكة في رمضان ولم يخرج بعد انتهاء القتال إلى التنعيم ليأتي بعمرة بل أتى بعمرة في ذي القعدة حين رجع من غزوة الطائف ونزل الجعرانة وقسّم الغنائم هناك، دخل ذات ليلة إلى مكة وأتى بالعمرة من الجعرانة ثم خرج من ليلته عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يخرج من مكة من أجل أن يأتي بعمرة من التنعيم أو غيره من الحل لأن هذا لو كان من الخير لكان أول الناس وأولاهم به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأننا نعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحرص الناس على الخير ولأن النبي، صلى الله عليه وسلم، مشرع ومبلغ عن الله سبحانه وتعالى ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبيّنة النبي، صلى الله عليه وسلم، لأمته إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره، وكل ذلك لم يكن، والاتباع إن قل خير من الابتداع قل أو كثر.

الشيخ ابن عثيمين

***

[حكم تكرار العمرة في رمضان وغيره]

س ما حكم الخروج من الحرم إلى الحل للإتيان بعمرة في رمضان وغيره؟..

ج ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يكره تكرارها والإكثار منها باتفاق السلف. . وسواء سلم هذا القول أو لم يسلم فإن خروج المعتمر الذي أتى بالعمرة من بلده، خروجه من الحرم إلى الحل ليأتي بعمرة ثانية وثالثة في رمضان أو غيره هو من الأمور المبتدعة التي لم تكن معروفة في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، من هذا النوع سوى قضية واحدة في مسألة خاصة وهي قضية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حينما أحرمت بالعمرة متمتعة بها إلى الحج فحاضت فدخل عليها النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي تبكي وسألها عن سبب البكاء فأخبرته، فطمأنها بأن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ثم أمرها أن تحرم بالحج فأحرمت به وصارت قارنه ولكنها لما فرغت منه ألحت رضي الله عنها على النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يأتي بعمرة منفردة عن الحج فأذن لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن يخرج بها إلى التنعيم فخرج بها واعتمرت ولو كان هذا من الأمور المشروعة على سبيل الإطلاق لكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يرشد إليه أصحابه بل لكان يحث عبد الرحمن بن أبي بكر الذي خرج مع أخته على أن يأتي بعمرة لأن فيها أجراً، ومن المعلوم للجميع أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً ولم يأت بعمرة مع تيسر ذلك عليه، صلى الله عليه وسلم، ودل هذا على أن المعتمر إذا أتى بعمرة في رمضان أو في غيره فإنه لا يكررها بالخروج من الحرم إلى الحل لأن هذا ليس من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي خلفائه الراشدين ولا من

<<  <  ج: ص:  >  >>