[حكم استقدام غير المسلمين للعمل في بلاد المسلمين وخاصة الجزيرة العربية]
س هل يجوز استقدام الأيدي العاملة من غير المسلمين؟
لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وقال " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً ". رواه مسلم. فالأحاديث تدل على أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن تبقى جزيرة العرب ليس فيها إلا مسلم، لما في وجود النصارى وغيرهم من الكفار في الجزيرة من الخطر. وهذه الجزيرة منها بدأ الإسلام، وانتشر في أرجاء العالم، وإليها يعود كما ثبت في الصحيح من أن الإيمان يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها. وإذا كان كذلك فإن استقدام غير المسلمين إلى هذه الجزيرة فيه خطر عظيم، ولو لم يكن من خطره ومضرته إلا أن المستقدِم لهم يألفهم ويركن إليهم، وربما يقع في قلبه محبة لهم وتودد إليهم، وقد قال الله تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} وربما يشتبه عليه الحق بالباطل، فيظن أنهم إخوة لنا، يطلق عليهم إخوة، ويدعي بما يوحي به الشيطان أنهم إخوة لنا في الإنسانية، وهذا ليس بصحيح، فإن الأخوة الإيمانية هي الأخوة الحقيقية، ومع اختلاف الدين لا أخوة، حتى أن الله عز وجل لما قال نوح {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} قال {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم الصلة بين المؤمنين والكافرين حتى في الميراث بعد الموت، فقال " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". وإذا كان الأمر هكذا فإن الاحتكاك بغير المسلمين واستقدامهم ومشاركتهم في الأعمال، وفي الأكل والشرب، والذهاب والمجيء، كل هذا ربما يميت الغيرة في قلوب المسلمين حتى يألفوا من قال الله تعالى فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} .