توقف العالم عن الفتوى إذا كان أهلاً للفتوى وعنده علم قد يكون لتعارض الأدلة عنده، وقد يكون لظنه أن هذا المستفتي متلاعب؛ لأن بعض المستفتين لا يستفتي للحق إنما يريد التلاعب والنظر فيما عند هذا العالم، والعالم الثاني، والعالم الثالث وهكذا، فيتوقف العالم أو يعرض عن إجابة هذا السائل الذي يعلم أو يغلب على ظنه أنه متلاعب لينظر ماذا عند الناس، أو يريد أن يضرب أقوال الناس بعضها ببعض، وهذا أشد فيذهب ويقول قال العالم الفلاني كذا، وقال العالم الفلاني كذا، فهذا من أسباب توقف المفتي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
[حكم الفتوى بغير علم]
س هناك من يفتي بغير علم، ما حكم ذلك؟
ج هذا العمل من أخطر الأمور وأعظمها إثمًا، وقد قرن الله سبحانه وتعالى القول عليه بلا علم، بالشرك به، فقال تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}(سورة الأعراف، الآية ٢٢) . وهذا يشمل القول على الله في ذاته أو صفاته أو أفعاله أو شرائعه، فلا يحل لأحد أن يفتي بشيء حتى يعلم أن هذا هو شرع الله - عز وجلّ - وحتى تكون عنده أداة ومَلكة يعرف بها ما دلت عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحينئذ يفتي. والمفتي معبّر عن الله عز وجل ومبلّغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا قال قولاً وهو لا يعلم أو لا يغلب على ظنه - بعد النظر والاجتهاد والتأمل في الأدلة - فإنه يكون قد قال على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، قولا بلا علم، فيتأهب للعقوبة، فإن الله عز وجل يقول {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .