وعززهما به أي يقويهما به ولكن مع ذلك أصروا على الإنكار وجرى بينهم وبين أهل هذه القرية ما جرى فجاء من أقصى المدينة وهنا قدم الأقصا - أقصا المدينة للاهتمام بهذا الأمر فمع بعده جاء إلى قومه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} سورة يس الآيات ٢٠-٢٢ إلى تمام القصة فكان هذا ناصحاً لقومه مرشداً لهم وكان عاقبته أن قيل له {قبل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} سورة يس الآيتان ٢٦-٢٧.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
[قوله تعالى {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر..}]
س - ما معنى قوله تعالى {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا ما اختلط بعظم ذلك جزئناهم ببغيهم وأنا لصادقون} ؟
ج- معنى هذه الآية أن الله يخبر بأنه حرم على الذين هادوا وهم اليهود حرم عليهم كل ذي ظفر من البهائم.. وذو الظفر قال أهل العلم هو الذي ليس فيه شق في يديه ولا في رجليه تكون يداه ورجلاه طبقة واحدة بمعنى أن يكون كخف البعير مثلا غير مشقوق لأن الأرجل في البهائم منها ما هو مشقوق كالماعز والغنم شحومهما إلا ما استثنى {إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم} فإنه حلال لهم.
وبين الله سبحانه وتعالى أن هذا التحريم إنما هو ببغي وعدوان وأنهم لما بغوا واعتدوا حرم عليهم بعض الطيبات كما قال تعالى في آية أخرى {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً} سورة النساء الآية ١٦. وهو نوع من العقاب لهم في الدنيا قال تعالى {ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} سورة الأنعام، الآية ١٤٦. الضمير هنا يعود إلى الله - عز وجل - وإنما جاء بصيغة الجمع للتعظيم وهو سبحانه وتعالى أصدق القائلين وأعدل الحاكمين ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن الإنسان بمعصيته