للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورابعاً أنه يؤدي إلى اجتماع الصبيان بعضهم إلى بعض فيحصل منهم من اللعب والتشويش على أهل المسجد ما لم يكن ليحصل إذا كان الصبيان بين الرجال البالغين.

أما ما ذكره بعض أهل العلم من أن الصبي يقام من مكانه حتى يكون الصبيان في آخر الصف أو في آخر صف في المسجد استدلالاً بقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فإنه قول مرجوح معارض بقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((من سبق إلى ما لم يسبقه إليه أحد فهو أحق به)) .

واستدلالهم بقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) لا يتم لأن معنى الحديث حث أولي الأحلام والنهى على التقدم حتى يلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، لأنهم أقرب إلى الفقه من الصغار وأتقن لوعي ما رأوه من النبي، صلى الله عليه وسلم، أو سمعوه ولم يقل النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يلني إلا أولو الأحلام والنهى ولو قال ((لا يلني إلا أولو الأحلام والنهى)) لكان القول بإقامة الصبيان من أماكنهم في الصفوف المتقدمة وجيهاً. لكن الصيغة التي جاء بها الحديث هي أمره لأولي الأحلام والنهى بأن يتقدموا حتى يلوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،

الشيخ ابن عثيمين

***

[هدم مسجد قديم وبناء مكتبة عامة في مكانه]

س هل يجوز هدم مسجد قديم قائم ليبنى محله مكتبة عامة، وإذا كان ممكناً فهل يجوز أخذ العوض عن مكان المسجد أم أن الخيار متروك للقائمين على المسجد ليقبلوا مسجداً جديداً في مكان آخر؟

ج لا يجوز هدم مسجد قائم، ولو كان قديماً، لمجرد أن يبنى مكانه مكتبة عامة، بل لا يجوز بناء مكتبة عامة مكانه لو كان منهدماً.

وإنما الواجب ترميمه إن كان قديماً وبناء مسجد مكانه إن كان منهدماً ولو ببيع بعضه لإصلاح باقيه، لأن الأصل في الوقف ألا يباع ولا يوهب ولا يورث لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لعمر بن الخطاب لما رغب التصدق بماله في خيبر ((تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن تنفق ثمرته)) فكان هذا بياناً عاماً في كل وقف، واستشنى العلماء من ذلك ما إذا تعطلت منافعه أو كان نقله إلى مكان آخر أرغب فيه وأكثر انتفاعاً به وأصلح له، فيجوز بيعه أو مبادلته بمكان آخر، وقد رُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص ــ رضي الله عنه ــ لما بلغه أنه قد نقب بيت المال بالكوفة ((انقل المسجد الذي بالتمَّارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لن يزال في المسجد مصلٍ)) وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً، ولأن في ذلك إبقائه للوقف بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته. . على أن يكون البيع أو الإبدال ــ في حال

<<  <  ج: ص:  >  >>