ومن الحكمة أيضاً أن المرأة إذا مكنت من زيارة القبور التي غالباً ما تكون خالية من الناس فإنها قد يتعرض لها الفساق وأهل الفجور في هذا المكان الخالي فيحصل لها مالا تحمد عقباه.
ديدنا لها فتضيع بذلك مصالح دينها ودنياها وتبقى نفسها معلقة بهذه الزيارة.
ولو لم يكن من الحكمة في منع زيارة النساء للقبور إلا أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لعن زائرات القبور لكان هذا كافياً في الحذر منها وفي البعد عنها لأن الله ــ تعالى ــ إذا قضى أمراً في كتابه أو على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإنه لا خيرة لنا.
الشيخ ابن عثيمين
***
حول زيارة القبور وقولهم ((مثواه الأخير)) .
س في بلدنا عندما يدفن الميت يتركه أهله أربعين يوماً لا يزورونه. . . وبعد ذلك يذهبون لزيارته بحجة أنه لا تجوز زيارة الميت قبل أربعين يوماً. . فما مدى صحة ذلك؟
ج ينبغي قبل الإجابة على هذا السؤال أن نبين أن زيارة القبور سنة في حق الرجال أمر بها النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد أن نهى عنها. والزائر الذي يزور القبور امتثالاً لأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واعتباراً بحال هؤلاء الأموات الذين كانوا بالأمس معه على ظهر الأرض وأصبحوا الآن مرتهنين في قبورهم بأعمالهم ليس عندهم صديق ولا حميم وإنما جليسهم عملهم.
والقبور ليست هي المثوى الأخير بل بعدها ما بعدها من اليوم الآخر الذي هو كما وصفه الله يومٌ آخِر لا يوم بعده. . وإما البقاء في القبور فهو زيارة كما قال ــ تعالى ــ (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) . وقد ذُكِرَ أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ هذه الآية ((حتى زرتم المقابر)) . فقال ما الزائر بمقيم؟.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى كلمة يقولها بعض الناس من غير روية ولا تدبر وهو أنهم إذا تحدثوا عن الميت قالوا ((ثم آووه إلى مثواه الأخير)) . . . وهذه الكلمة لو أردنا أن ندقق في معناها لكانت تتضمن إنكاراً للبعث لأنه لو كان القبر المثوى الأخير فمعناه إنه لا يبعث بعده. . وهذا أمر خطير لأن الإيمان بالله اليوم الآخر شرط من الإيمان والإسلام ولكن الذي يظهر لي أن العامة يقولونها من غير تدبر لمعناها ومن غير روية ولكن يجب التنبه لذلك وإلى أنه يحرم على الإنسان أن يطلق مثل هذه العبارة فإن كان يعتقد ما تدل عليه فهو كفر لأن من أعتقد أن القبر هو المثوى الأخير وأنه ليس بعده شيء فقد أنكر اليوم الآخر.