الكريم وأجمع عليه علماء المسلمين، فالواجب العمل بذلك عن اعتقاد وإيمان، ومَن زعم أن الأصلح خلافه فهو كافر، وهكذا من أجاز مخالفته يعتبر كافرا؛ لأنه معترض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى إجماع الأمة، وعلى ولي الأمر أن يستتيبه إن كان مسلما، فإن تاب وإلا وجب قتله كافرا مرتدا عن الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخاري. نسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من مضلات الفتن ومن مخالفة الشرع المطهر.
* * *
[معنى السعادة والشقاوة]
س أريد تفسيرًا واضحًا لمعنى السعادة والشقاوة التي يكتبها الله على الإنسان وهو في بطن أمه، وكيف يتفق ذلك مع الآية {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .
ج السعادة والشقاوة التي يكتبها الله سبحانه وتعالى على الإنسان وهو في بطن أمه مكتوبة أيضًا على الإنسان قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. فإن الله سبحانه وتعالى حينَ خلق القلم قال له اكتب. قال ربَّ وماذا أكتب؟ قال اكتب ما هو كائن. فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. ومن ذلك سعادة بني آدم وشقاوتهم. وهذا لا يعارض قول الله عزَّ وجل {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} . لأن هذا فعل من العبد يكون سببًا لسعادته أو شقاوته، فعلى العبد أن يقوم بما أوجب الله عليه من امتثال الأمر واجتناب النهي والتصديق بالخبر، وأن يدع ما نهى الله عنه من البخل والاستغناء عن الله عز وجل وتكذيب خبره، وقد حدّث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقالوا يارسول الله إلا أفلا نتكل على الكتابة وندع العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم " اعملوا فكلٌّ ميسّرٌ لما خُلق له ". ثم قرأ هذه الآية.
فإذا وُفق الإنسان واتجه اتجاهاً سليمًا وقام بما أُمر به وترك ما نُهي عنه وصدق بما يجب التصديق به فإنه حينئد يكون ميسّرا لليسرى، ويكون هذا عنوانًا ودليلاً على أنه من أهل السعادة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أهل السعادة ييسرون لعمل أهل السعادة وأما من كان على العكس فإن ذلك دليل على أنه شقي - والعياذ بالله -، لأنه يُسر لعمل أهل الشقاوة.