ج- حكم ذلك الحل والإباحة عند جمهور أهل العلم لقول الله - سبحانه وتعالى - في سورة المائدة " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ". والمحصنة هي الحرة العفيفة في أصح أقوال علماء التفسير، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما نصه
وقوله " والمحصنات من المؤمنات " أي وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات وذكر هذا توطئة لما بعده وهو قوله - تعالى - " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". فقيل أراد المحصنات الحرائر دون الإمام حكاه ابن جرير عن مجاهد وإنما قال مجاهد المحصنات الحرائر فيحتمل أن يكون أراد ما حكاه عنه ويحتمل أن يكون أراد بالحرة العفيفة كما في الرواية الأخرى عنه وهو قول الجمهور ههنا، وهو الأشبه لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل حشف وسوء كيل والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا كما قال - تعالى - في الآية الأخرى " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ". ثم اختلف المفسرون والعلماء في قوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم هل يعم كل كتابية عفيفة سواء كانت حرة أو أمة حكاه ابن جرير عن طائفة من السلف ممن فسر المحصنة بالعفيفة وقيل المراد أهل الكتاب ههنا الإسرائيليات وهو مذهب الشافعي وقيل المراد بذلك الذميات دون الحربيات لقوله - تعالى - " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "، وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية ويقول لا أعلم شركاً أعظمن من أن تقول إن ربها عيسى وقد قال الله - تعالى - " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". الآية. وقال ابن حاتم حدثنا أبي حدثنا بن حاتم بن سليمان المؤدب حدثنا القاسم بن مالك يعني المزني حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي مالك الغفاري قال نزلت هذه الآية " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " قال فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " فنكح الناس نساء أهل الكتاب وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصاى ولم يروا بذلك بأساً أخذا بهذه الآية الكريمة " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". فجعلوا هذه مخصصة للتي في سورة البقرة ولا تنكحوا المشركات