للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله من البناء على القبور، واتخاذ المساجد والقباب عليها وتجصيصها وتنويرها، وغير ذلك مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يغتروا بما فعله كثير من الناس، فإن الحق هو ضالة المؤمن متى وجدها أخذها، والحق يُعرف بالدليل من الكتاب والسنة لا بآراء الناس وأعمالهم، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصاحباه رضي الله عنهما لم يُدفنوا في المسجد وإنما دُفنوا في بيت عائشة، ولكن لما وُسِّع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أدخل الحجرة في المسجد في آخر القرن الأول، ولا يُعتبر عمله هنا في حكم الدفن في المسجد. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لم يُنقلوا إلى أرض المسجد وإنما أُدخلت الحجرة التي هم بها في المسجد من أجل التوسعة، فلا يكون في ذلك حجة لأحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو الدفن فيها، لما ذكرته آنفًا من الأحاديث الصحيحة المانعة من ذلك، وعمل الوليد ليس فيه حجة على ما يخالف السنة الثابتة عن رسول الله، والله ولي التوفيق.

الشيخ ابن باز

* * *

معنى قوله " كنت سمعه الذي يسمع به وبصره.."الخ

س الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام، ونصه (ما معنى قوله تعالى في الحديث القدسي) وإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها؟

وأجابت بما يلي

إذا أدى المسلم ما فرض الله عليه.. ثم اجتهد في التقرب إلى الله تعالى بنوافل الظاعات واستمر على ذلك ما وسعه، أحبَّه الله تعالى، وكان عوناً له في كل ما يأتي ويذر، فإذا سمع كان مسددا من الله في سمعه، فلا يستمع إلا إلى الخير ولا يقبل إلا الحق وينزاح عنه الباطل، وإذا أبصر بعينه أو قلبه أبصر بنور من الله، فكان في ذلك على هدى من الله وبصيرة نافذة بتأييد الله وتوفيقه. فيرى الحق حقّا والباطل باطلاً، وإذا بطش بشيء بقوة من الله فكان بطشه من بطش الله نصرة للحق، وإذا مشى كان مشيه في طاعة الله طلباً للعلم، وجهاداً في سبيل الله، وبالجملة كان عمله بجوارحه الظاهرة والباطنة بهداية من الله وقوة منه سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>