للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرر ذلك من أجل الغضب أو قصد آخر غير إيقاع الثلاث.

أما إن كان لفظه لا يحتمل التأكيد مثل أن يقول " طالق ثم طالق ثم طالق " أو " أنت طالق وطالق وطالق " وما أشبه ذلك فهذا يقع به الثلاث عند الجمهور وهكذا قوله " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " فإنه يقع بها الثلاث عند الأكثار كالتي قبلها إلا إذا أراد التأكيد أو الإفهام في قوله " أن طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة ". واختار شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمة الله - أنه لا يقع بهذه الألفاظ كلها إلا طلقة واحدة كما لو طلقها بالثلاث بكلمة واحدة واحتج على ذلك بحديث بن عباس - رضي الله عنهما - المخرج في صحيح مسلم ولفظه كان الطلاق على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر - رضي الله عنه - إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فول أمضيناه عليهم، فأمضاء عليهم، وله ألفاظ أخر عن مسلم وغيره، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حكم هذه المسألة في مؤلفاته ومن أجمع ذلك ما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوى ويرى - رحمه الله - أن الثانية لا تقع على المرأة إلا إذا كان إيقاعها بعد نكاح أو رجعة وهكذا الثالثة ولا أعلم له في ذلك دليلاً واضحاً يعتمد عليه إلا إطلاق حديث ابن عباس المذكور وحديثه الآخر في قصة أبي ركانة وليسا صريحين في الموضوع والذي أفتي به من نحو ثلاثين عاماً أو اكثر أن الثلاث لا يقع بها إلا واحدة إذا أوقعها الزوج بكلمة واحدة، لأن ذلك أضيق ما يحمل عليه حديثاً ابن عباس المذكوران آنفاً وهكذا الكنايات كلها لا يقع بها إلا واحدة في أصح الأقوال إذا أراد بها الزوج الطلاق لأنها أضعف من إيقاع الطلقات الثلاثة بلفظ واحد فإذا جاز اعتبار ذلك طلقة واحدة وجب أن تكون الكناية معتبرة طلقة واحدة من باب أولى ما لم يكررها.

وقد بسط الكلام في هذه المسألة أيضاً العلامة ابن القيم - رحمة الله - في إعلام الموقعين وزاد المعاد وإغاثة اللهفان، وهذا كله إذا كان الزوج حين إيقاع الطلاق عاقلاً مختاراً أما المكره وزائل العقل وشديد الغضب الذي قد غير الغضب شعوره فإن طلاقهم لا يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>