للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الغضب، مثل أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد روى البخاري ومسلم استب رجلان عند النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال " إني لأعلم لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال هل تدري ما قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، آنفا؟ قال لا. قال " إني أعوذ كلمة لو قالها لذهب عنه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". وعلى هذا فينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب، وأن لا يتسرع فينفذ ما لا تحمد عقباه، وقد ذكر أهل العلم أنه للغضب ثلاث حالات

الحالة الأولى أن يذهب بصاحبه حتى لا يعرف ما يقول ولا يدري ما يقول. وفي هذه الحال لا حكم لأقواله سواء أكان ذلك طلاقاً أم ظهاراً أو إيلاء أم غير ذلك، لأنه في حكم فاقد الشعور والعقل.

الحالة الثانية أن يكون الغضب يسيراً يملك الإنسان فيه نفسه ويملك أن يتصرف كما يريد. وفي هذه الحال يكون ما يقوله نافذاً من طلاق وغيره.

الحالة الثالثة وسط بين هاتين الحالين، بحيث يدري الإنسان ما يقول ولكنه لقوة السيطرة الغضبية عليه لم يملك نفسه فتكلم بالطلاق أو بغيره كالظهار والإيلاء.

فمن أهل العلم من يرى أن قوله معتبر، وأنه إذا أوقع الطلاق في هذه الحال فطلاقه واقع نافذ، ومنهم من يرى أن قوله غير متعتبر وأن طلاقه لا ينفذ ولا يقع، وهذا القول أقرب إلى الصواب لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا طلاق في إغلاق ".

فإذا كان هذا السائل الذي قال لزوجته في حالة غضب ما يقتصي طلاقها فإن طلاقها لا يقع ما دام لا يملك نفسه حينئذ.

وأما قول السائل لها أحسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية طلاق مستقبلاً للمحكمة، فإنه إذا وقع ما رتب الطلاق عليه، وقع الطلاق، لأن المشروط تابع للشرط فإذا وجد الشرط وجد المشروط.

وأما إذا كان لا ينوي الشرط، وإنما نوى أن يطلقها في ذلك اليوم المستقبل فإن له أن يدع الطلاق، فإذا لم يطلقها فلا حرج عليه، ولا تطلق زوجته بذلك لأنه يفرق بين من نوى

<<  <  ج: ص:  >  >>