أن الله تعالى نهى نبيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، عن طاعة من وصف بهذه الصفات، {كل حلاف مهين} يعني كثير الحلف على ما يقول لأنه مهين في نفسه ذليل في نفسه لا يصدق بما يقول إلا إذا حلف عليه. {هماز مشاء بنميم} .. هماز أي كثير الغيبة يغتاب الناس، مشاء بنميم أي كثير النميمة بين الناس، والفرق بين الغيبة والنميمية أن الغيبة ذكر الإنسان بما يكره وهو غائب، وأما النميمة فهي التحريش بين الناس والسعي بينهم بالافساد، ومثل أن يقول شخص لشخص آخر أن فلانا يقول فيك كذا وكذا، يسبك ويقدح فيك ويعيبك وذلك ليقلى العداوة بينهما، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا يدخل الجنة نمام} . نسأل الله العافية.. {مناع للخير معتد أثيم} يعني أنه لا خير فيه بل أنه يحاول أن يمنع الخير عن غيره، {معتد} يعني يعتدي على الخلق فقد جمع والعياذ بالله بين منع الخير عن الخلق والاعتداء عليهم، وهذا غاية ما يكون من الظلم ولهذا قال معتد أثيم أي كثير الإثم بسبب معاصيه العدوانية، ومنع للخير {عتل بعد ذلك زنيم} العتل معناه الغليظ الجافي المتكبر، والزنيم هو الذي عرف بشره لأنه اشتهر بين الناس ومنها الزنمة وهي العلامة التي تكون في رقبة البهيمة " أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ".
أي أن هذا الرجل كان عنده مال وبنون فاعتز بما عنده من المال وطغى وبغى وصار إذا تتلي عليه آيات الله عز وجل قال إنها أساطير الأولين، لأن قلبه لم ينفتح لما يشتمل عليه القرآن من الحسن والمعاني العظيمة والآداب العالية والأخلاق الفاضلة والقصص النافعة والأخبار الصادقة فقال إن هذا أساطير الأولين، والأساطير جمع أسطورة، وهي ما يتحدث الناس فيب بالسواليف، وإن لم تكن لها حقيقة وأعلم أن من رانت المعاصي على قلبه فإنه قد يحجب عنه نور الحق ونور الهداية وما في القرآن العظيم من الشفاء والنور كما قال تعالى {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدارك ما سجين كتاب مرقوم ويل يؤمئذ للمكذبين الذين يكذبون به إلإ كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} .
فهو لم يقل أساطير الأولين إلا لأن ما فيها من النور والشفاء، والهدى لم يصل إلى قلبه