سبق أن صدرت فتوى في منع كتابة قرآن أو أذكار نبوية أو نحوها في ورق أو طبق مثلاً، ثم مَحْوها بماء ونحوه ليشربه المريض أملاً في الشفاء من مرضه، وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الخلفاء الراشدين ولا الصحابة، رضي الله عنهم فيما نعلم، أنهم فعلوا ذلك، والخير كل الخير في اتّباع هديه، صلى الله عليه وسلم، وهدي خلفائه وما كان عليه سائر أصحابه، رضي الله عنهم، وفيما يلي نص الفتوى (أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية مالم تكن شركًا أو كلامًا لا يُفهم معناه؛ لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك، قال كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال " اعرضوا عليّ رقاكم لابأس بالرقى مالم تكن شركًا ". وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفًا مع اعتقاد أنها سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى، أمَّا تعليق شيء بالعنق أوربطه بأي عضو من أعضاء الشخص فإ ن كان من غير القرآن فهو محرم بل شرك، لما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عمران بن الحصين، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى رجلاً في يده حلقه من صفر. فقال ما هذا؟ قال من الواهنة. فقال " انزعها فإنَّها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو متَّ وهي عليك ما أفلحت أبدًا ". وما رواه عن عقبة بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم، قال " من تعلَّق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق وَدَعة فلا وَدع الله له ". وفي رواية لأحمد أيضًا " من تعلق تميمة فقد أشرك ". وما رواه أحمد وأبوداود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول " إن الرقى والتائم والتِّولة شرك ". وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح أنه ممنوع أيضًا، لثلاثة أمور الأول عموم أحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، بالنهي عن تعليق التمائم ولا مُخصص لها. الثاني سد الذَّريعة فإنه يُفضي إلى تعليق ما ليس كذلك. الثالث أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء والجماع ونحو ذلك. وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس، وغسله بماء أو زعفران وغيرهما وشرب تلك الغسالة، رجاء البركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة أو عافية ونحو ذلك، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه فعله لنفسه أو غيره ولا أنه أذِن فيه لأحد من أصحابه أو رخّص فيه لأمته؛ مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك، ولم يثبت في أثر صحيح - فيما علمنا - عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، أنه فعل ذلك أو رخَّص فيه. وعلى هذا فالأولى تركه وأن يُستغنى عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى، وما صحَّ من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها مما يعرف معناه ولا شائبة للشرك فيه، وليتقرب إلى الله تعالى بما شرع