سوارين من ذهب فقال ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت لا، قال ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فألقتهما، وقالت هما لله ورسوله. أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن. وثبت عن أم سلمة ــ رضي الله عنها ــ أنها كانت تلبس أو ضاحاً من ذهب، فقالت يا رسول الله أكنز هو؟ فقال، صلى الله عليه وسلم ((ما بلغ أن يزكى فزُكي فليس بكنز)) . مع أحاديث أخر في هذا المعنى.
أما العروض وهي السلع المعدة للبيع، فإنها تُقوّم في آخر العام، ويخْرج منها ربع عشر قيمتها، سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل، لحديث سمرة قال كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع. رواه أبو داود. ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع، والعمارات، والسيارات، والمكائن الرافعة للماء، وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع.
أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع، فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول، أمَّا ذاتها فليس فيها زكاة لكونها لم تعد للبيع.
وهكذا السيارات الخصوصية والأجرة، ليس فيها زكاة، إذا كانت لم تُعدّ للبيع، وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال. وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها، إذا حال عليها الحول، سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد، لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا.
والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة لما تقدم.
وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة، عند جمهور العلماء، إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحلول، لعموم الأدلة، مثل قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن ((إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) .
والزكاة حق الله، لا تجوز المحاباة بها، لمن لا يستحقها، ولا أن يجلب الإنسان لنفسه نفعاً، أو يدفع ضرّاً، ولا أن يقي بها ماله، أو يدفع بها عنه مذمة. بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها، لكونهم من أهلها، لا لغرض آخر مع طيب النفس بها، والإخلاص لله في ذلك، حتى تبرأ ذمته، ويستحقّ جزيل المثوبة والخلف.
وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم، أصناف أهل الزكاة، قال تعالى (إنما الصدقاتُ للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفةِ قلوبهم وفي الرَّقَاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) . وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الإسمين العظيمين، تنبيه من الله سبحانه لعباده، على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده، ومن يستحق منهم للصدقة، ومن لا يستحق، وهو الحكيم في شرعه وقدره، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها