عهد عمر رضي الله عنه في بعض الأحيان ثلاثاً وعشرين ركعة وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في عهده.
وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستاً وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن الأمر في ذلك واسع، وذكر أيضاً أن الأفضل لم أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه ـ رحمه الله ـ.
ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في غالب أحواله، ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق.
والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان أن لا ينصرف إلا مع الإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة)) .
ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة، وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميج والتكبير والاستغفار والدعوات الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله عز وجل ومواساة الفقراء والمساكين والاجتهاد في بر الوالدين وصلة الحم وإكرام الجار وعيادة المريض وغير ذلك من أنواع الخير لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ((ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله)) . ولما روين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ((من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه)) ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ((عمرة في رمضان تعدل حجة أو قال حجة معي)) .
والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في خذا الشهر الكريم كثيرة
والله المسؤول أن يوفقنا سائر المسلين لكل ما فيه رضاه، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا، ويصلح أخوالنا ويعيذنا جميعاً من مضلات الفتن. كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين ويجمع كلمتهم على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد