الخلفاء الراشدين المهديين من بعده. ولا ريب أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات، فإذا شرع تعظيمه على طريق لم تَرد به السنة فإن هذا التعظيم على هذا الوجه يكون بدعة منكرة، فاتخاذ عيد لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث يحتفل به ويتصدق في ذلك اليوم، وتصنع الولائم وما أشبه ذلك فهذا من البدع بلا ريب. والإنسان المؤمن عليه أن يتمسك بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففيه الكفاية. أما هذا الشيء المبتدع فقد حذّر منه صلى الله عليه وسلم، وما حذّر منه فلا خير فيه، ولو كان فيه خير لكان أولى الناس به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم تحدث بدعة المولد إلا في القرن الرابع الهجري وذلك بعد مُضي القرون الثلاثة المفضلة. ولو كان حقا لسبقونا إليه. وإذا كنت صادقا فعليك بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، ففيها الخير والفلاح ودع عنك يا أخي المسلم مثل هذه الأمور. ومن العجب أن بعض الناس يتمسكون بهذه البدعة تمسكا شديدًا حتى كأنها عندهم من أفرض الفروض وأوجب الواجبات. وتجدهم يتهاونون بأمور كثيرة من السنة التي صحّت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى المرء أن يتوب إلى الله ويرجع وأن يقول (سمعنا وأطعْنا) . وهكذا نقول عن الإسراء والمعراج فإنه لم يثبت عن الصحابة ولا عن القرون المفضلة أنهم يحتفلون بها، ولو كان الاحتفال بها من شريعة الله لبيّنه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعا إليه أصحابه وأمته. ثم إنني أقول لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، وُلد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول أو ليلته، ولا أن معراجه كان في ليلة سبع وعشرين من رجب، وإنما ذكر البعض أن مولده كان في اليوم التاسع من ربيع الأول لا في الثاني عشر، وكذلك المعراج فإن المعروف أنه كان في ربيع الأول، وهذا أقرب ما يكون فيه، على أن في ذلك نظرا أيضًا، ولم يثبت المعراج أنه في رجب ولا رمضان ولا ربيع. فتكون بدعة المعراج والميلاد مبنية على غير أساس.. لا شرعي ولا تاريخي وحينئذ فإن العقل والسمع كلاهما يقتضي عدم إقامة هذه الأعياد. الشيخ ابن عثيمين