(لِتَقْصِيرٍ) فِي الزِّرَاعَةِ (بِالتَّأْخِيرِ) لَهَا (أَوْ بِزَرْعٍ) آخَرَ (أَبْطَأَ) إدْرَاكًا (مِمَّا عَيَّنَ أَوْ بِزَرْعِهِ ثَانِيًا) بَدَلَ (مَا أَكَلَهُ الْجَرَادُ) وَنَحْوُهُ (قَلَعَ) مَا زَرَعَهُ مَجَّانًا (وَسَوَّى الْأَرْضَ) كَالْغَاصِبِ لَكِنْ (لَا) يَقْلَعُ (قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ (مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ) إدْرَاكًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الْإِمَامُ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَرَاوِزَةِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِنَّ لَهُ الْقَلْعَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَالَ وَلَيْسَ لِمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَجْهٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَهُوَ أَنَّ الْأَبْطَأَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَى الْأَرْضِ (لَا مِنْ) زَرْعِ (الْمُعَيَّنِ) فِي الْعَقْدِ أَيْ وَلَا مَا لَا يُسَاوِيهِ (إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَقَدْ يَقْصِدُ الْقَصِيلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ) الْإِدْرَاكُ (لِعُذْرٍ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ أَكْلِ الْجَرَادِ لِبَعْضِهِ) بِأَنْ أَكَلَ رَأْسَهُ فَنَبَتَ ثَانِيًا فَتَأَخَّرَ لِذَلِكَ (بَقِيَ) الزَّرْعُ (بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ وَإِنْ قُدِّرَ) الزَّرْعُ (بِمُدَّةٍ لَا يُدْرِكُ فِيهَا) كَأَنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ شَهْرَيْنِ (وَشَرَطَ الْقَلْعَ) بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْقَصِيلَ ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ فَسَدَ) الْعَقْدُ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْقِيتِ وَلِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِدْرَاكِ وَإِذَا فَسَدَ فَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ) مَجَّانًا (لِلْإِذْنِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا) فِي الْعَقْدِ مِنْ قَلْعٍ وَإِبْقَاءٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ لِحَصْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَبَقِيَ) الزَّرْعُ (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى الْقَلْعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْإِبْقَاءُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِبْقَاءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ لَزِمَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً لِلزِّرَاعَةِ مُطْلَقًا) فَزَرَعَ (وَحَصَلَ التَّأْخِيرُ) لِلْإِدْرَاكِ بِتَقْصِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَكَالْمُعَيَّنِ) فِيمَا مَرَّ (إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ) أَيْ يَمْنَعُهُ الْمَالِكُ (مِنْ زَرْعٍ يَتَعَذَّرُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ زَرَعَ لَمْ يَقْلَعْ إلَى انْقِضَائِهَا) .
(فَصْلٌ وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ) فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُمَا (بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ) صَحَّ الْعَقْدُ وَإِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ (قَلَعَ) وُجُوبًا الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ لِنَقْصِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِنَقْصِ الْأَرْضِ، وَلَا تَسْوِيَتَهَا لِتَرَاضِيهِمَا بِالْقَلْعِ (وَلَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ) لِذَلِكَ (بَعْدَهَا أَوْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ شَرْطِ الْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ (صَحَّتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلَامُ السَّرَخْسِيِّ فِي الزَّرْعِ قُلْت الْعَاقِدُ ثَمَّ مُقَصِّرٌ بِالتَّضْيِيقِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيجَارِ مُدَّةً يُدْرِكُ فِيهَا الزَّرْعُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الصِّحَّةِ هُنَا الصِّحَّةُ ثَمَّ، وَيُلْحَظُ فِي تَعْلِيلِي الْفَسَادَ - فِيمَا إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ ثَمَّ - تَقْصِيرُ الْعَاقِدِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ مَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْإِبْقَاءَ عَلَى التَّأْبِيدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ أَصْلًا فَإِنْ شَرَطَهُ كَذَلِكَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لِتَضَمُّنِهَا إلْزَامَ الْمُكْرِي التَّأْبِيدَ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ (بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ رَجَعَ) الْمُؤَجِّرُ (فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ) وَقَبْلَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ الْقَلْعُ بِلَا نَقْصٍ فَعَلَ وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ -.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ زَرْعِ الْأَبْطَأِ مُطْلَقًا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا يُمْكِنُهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ فِي الْمُدَّةِ فَعُدُولُهُ إلَى غَيْرِهِ عَبَثٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِزِرَاعَةِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَتَقَيَّدَ مَحَلُّ الْمَنْعِ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ زِرَاعَةُ مَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ فِي الْمُدَّةِ فَلَوْ أَخَّرَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ شَيْءٌ مِمَّا يَزْرَعُ وَأَرَادَ الزَّرْعَ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا بَلْ يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ مَجَّانًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَا عَقْدًا آخَرَ، أَوْ يَتَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ تَبْقِيَةِ الْأَحْكَارِ بِيَدِ أَرْبَابِهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ مِنْهُمْ فِي أَقْسَاطِهَا وَكَذَا تَسْلِيمُ الدَّارِ لِمَنْ يَسْكُنُهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَازِمٍ وَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ وَالْمَاءِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَرْضٍ مِثْلِهَا لَهَا ذَلِكَ الْمَاءُ وَلَا نَقُولُ لَهُ مِثْلُ الْمَاءِ وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَسَأَذْكُرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لَهُمَا بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ]
(قَوْلُهُ: قُلْت الْعَاقِدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِمَامُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ) إذْ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْتَضِي وُجُودَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُحْدِثْ انْتِفَاعًا بِهَا بَعْدَهَا وَنَظِيرُ هَذِهِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ لَا تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَتَسَلَّمَهَا وَتَمَّتْ فِي يَدِهِ شَهْرَيْنِ وَهِيَ مَغْلُوقَةٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الشَّهْرِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْقَلْعِ، أَوْ التَّمَلُّكِ، أَوْ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يَسْقُطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِنْ اخْتَارَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ) هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْصُلْ وَقْفُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ أَحَدِهِمَا فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّمْلِيكُ بِالْقِيمَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْإِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَلْعِ وَغُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ إذْ الْقَلْعُ يَرِدُ عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْضُهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْإِبْقَاءِ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute