للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ (بَادَرَ الشُّهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ أَوْ) بَادَرَ غَيْرُهُمْ (وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) عَلَيْهِمَا بِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (سُئِلَ الْمُطَالِبُ) أَيْ الْمُدَّعِي احْتِيَاطًا لِحُصُولِ الرِّيبَةِ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ (فَإِنْ كَذَّبَهُمَا حَكَمَ عَلَيْهِمَا) بِالْقَتْلِ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِتَكْذِيبِ الْوَلِيِّ لَهُمَا وَلِلتُّهْمَةِ بِالْمُبَادَرَةِ وَبِدَفْعِ ضَرَرِ مُوجِبِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَلِصَيْرُورَتِهِمْ اعَدُوَّيْنِ لَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا) دُونَ الْأَوَّلَيْنِ (أَوْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ) الْجَمِيعَ (وَهُوَ) أَيْ وَالْمُدَّعِي (الْوَلِيُّ بَطَلَ الْجَمِيعُ) أَيْ الشَّهَادَتَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ، وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا وَالتُّهْمَةُ، وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ (أَوْ) وَالْمُدَّعِي (وَكِيلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ، وَعَيَّنَ لَهُ الْوَلِيُّ الْآخَرَيْنِ (انْعَزَلَ) عَنْ الْوَكَالَةِ وَذِكْرُ الِانْعِزَالِ عِنْدَ تَكْذِيبِ الْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَى مُوَكِّلِهِ عَلَيْهِمَا (فَلَوْ وَكَّلَهُ بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ هَؤُلَاءِ) الْأَرْبَعَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمَا (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فَإِنْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْآخَرَيْنِ) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا (فَصَدَّقَهُمَا) أَيْ الْوَكِيلُ الْآخَرَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ (انْعَزَلَ) عَنْ الْوَكَالَةِ (وَلِلْوَلِيِّ الدَّعْوَى عَلَى الْأَوَّلَيْنِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مُنَاقِضٌ) لَهُمَا لَكِنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ صَدَّقَ) الْوَلِيُّ (الْمُبَادِرَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (وَلَوْ كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ) أَيْ غَيْرَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا لِمَا مَرَّ (وَلَوْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا) أَوْ أَجْنَبِيَّانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِمَالٍ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِلْمُدَّعِي بِمَالٍ وَصَدَّقَهُمَا) الْمُدَّعِي (لَمْ يَضُرَّ) فِي صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمَا أَيْضًا لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِ الْمَالَيْنِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ شَهِدَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.

(فَصْلٌ) لَوْ (أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ) عَنْ الْقِصَاصِ، وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي (فَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ) إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِي، وَكَذَا إنْ عَيَّنَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنْ أَقَرَّ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ) جَمِيعًا بَعْدَ دَعْوَى الْجَانِي (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الدِّيَةِ وَيَحْلِفُ) الْجَانِي (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الشَّاهِدَانِ الْعَافِي عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَا عَنْهَا، وَعَنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِالْإِقْرَارِ فَتَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ حِصَّةُ الْعَافِي (وَيَكْفِي مُنْكِرُ الْعَفْوِ) الْمُدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ (الْيَمِينُ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ الْعَفْوُ بِيَمِينِ الرَّدِّ (وَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ الْعَفْوِ) مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ الْقِصَاصِ لَا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ شَاهِدَانِ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِحُجَّةٍ نَاقِصَةٍ لَا يُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ بِهَا أَمَّا إثْبَاتُ الْعَفْوِ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ أَيْضًا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَكَذَا إسْقَاطُهُ.

(فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي هَيْئَةِ الْقَتْلِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَالْآخَرُ حَزَّ رَقَبَتَهُ (أَوْ) فِي (مَكَانِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ (أَوْ) فِي (زَمَانِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ غَدْوَةً وَالْآخَرُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ عَشِيَّتَهُ (أَوْ فِي آلَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ بِالرُّمْحِ (لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا لَوْثَ) بِهَا لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَابَ الْقَسَامَةِ أَمْرُهُ أَعْظَمُ وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ بِتَكَرُّرِ الْأَيْمَانِ (لَا) إنْ اخْتَلَفَا (فِي زَمَانِ الْإِقْرَارِ وَمَكَانِهِ) الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ أَيْ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ فَلَا تَلْغُو الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ وَصِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ (إلَّا إنْ عَيَّنَا يَوْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ) بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَاهُ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَلْغُو الشَّهَادَةُ.

(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِالْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَلَوْثٌ) تَثْبُتُ بِهِ الْقَسَامَةُ دُونَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ بَادَرَ الشُّهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا بِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا]

قَوْلُهُ: بَادَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرُهُمَا وَشَهِدَا بِهِ إلَخْ) ، قَالَ الْفَتَى لَيْسَ قَوْلُهُ: هُنَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِمُسْتَقِيمٍ أَصْلًا فَأَخَّرْته لِيَسْتَقِيمَ فَقُلْت بَادَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ وَشَهِدَا بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ - انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - مُسْتَقِيمٌ أَيْضًا أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ اثْنَانِ غَيْرُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ لَمْ يَكُونَا بِدَافِعَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا مُبَادِرَانِ فَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْوَارِثُ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا أَوْ صَدَّقَ الْكُلَّ بَطَلَتْ الشَّهَادَتَانِ.

(قَوْلُهُ: وَبِصَيْرُورَتِهِمْ اعَدُوَّيْنِ لَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِمَا) ، قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا حَصَلَتْ الْعَدَاوَةُ لَهُمَا بِسَبَبِ مُبَادَرَتِهِمَا بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ الشَّهَادَةُ بِشَرْطِهَا إذْ حُصُولُهَا لَا يُثْبِتُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ) التَّصْوِيرُ فِي تَعْقِيبِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ فَلَا مُرَاجَعَةَ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُصْغِي لَهَا، وَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَغَتْ لِلتَّدَافُعِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ انْتَظَرَ كَمَالَهُ لِيُرَاجَعَ، وَقِيلَ يَحْكُمُ عَلَى الْآخَرِينَ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْقِصَاصِ]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قُبِلَتْ فِي الدِّيَةِ) أَطْلَقُوا شَهَادَةَ الْوَارِثِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَفَاءً بِكُلِّ الدِّيَةِ أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِكُلِّ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِشَهَادَتِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ شَهَادَةِ الْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بَعْدُ بِمَالٍ وَرَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَيَكُونُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا مُفَرَّعًا عَلَى الرَّاجِحِ هُنَاكَ ر

<<  <  ج: ص:  >  >>