للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى إخْرَاجِ الْخُمُسِ وَعَمَلًا بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَرْضِ خَيْبَرَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ «رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْغَنِيمَةِ فَقَالَ لِلَّهِ خُمُسُهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْجَيْشِ فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ» (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ النَّفَلُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ إسْكَانِهَا (وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَمِيرُ زِيَادَةً) عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي) أَمْرٍ (مُهِمٍّ كَطَلِيعَةٍ وَدَلِيلٍ) أَيْ لِمَنْ يَقُومُ بِمَا فِيهِ نِكَايَةٌ زَائِدَةٌ فِي الْعَدُوِّ أَوْ تَوَقُّعِ ظَفَرٍ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ كَتَقَدُّمٍ عَلَى طَلِيعَةٍ وَهَجْمٍ عَلَى قَلْعَةٍ وَدَلَالَةٍ عَلَيْهَا وَحِفْظِ مَكْمَنٍ وَتَجْسِيسِ حَالٍ (بِشَرْطِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ اقْتِضَاءِ الرَّأْيِ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمَكَامِنِ، وَلِذَلِكَ نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ (إمَّا لِشَخْصٍ) وَاحِدٍ (أَوْ أَكْثَرَ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَنْ) أَيْ كَقَوْلِهِ مَنْ (فَعَلَ كَذَا) فَلَهُ كَذَا (فَإِنَّ بَذَلَهُ مِنْ) مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ فِي (بَيْتِ الْمَالِ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ) بَذَلَهُ يَعْنِي شَرْطَهُ (مِمَّا سَيَغْنَمُ) فِي هَذَا الْقِتَالِ أَوْ غَيْرِهِ (قُدِّرَ بِجُزْءٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ) وَيُحْتَمَلُ فِيهِ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ.

(وَلَيْسَ لِقَدْرِهِ ضَبْطٌ بَلْ يَجْتَهِدُ فِيهِ) فَيُقَدِّرُهُ (بِقَدْرِ الْعَمَلِ) وَخَطَرِهِ وَقَدْ صَحَّ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ وَالْبَدْأَةُ السَّرِيَّةُ الَّتِي يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ مُقَدِّمَةً لَهُ وَالرَّجْعَةُ الَّتِي يَأْمُرُهَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْجَيْشِ لِدَارِنَا وَنَقَصَ فِي الْبَدْأَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرِيحُونَ إذْ لَمْ يَطُلْ بِهِمْ السَّفَرُ وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي غَفْلَةٍ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ وَرَائِهِمْ يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ وَالرَّجْعَةُ بِخِلَافِهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ النَّفَلُ (مِنْ خُمُسِ خُمُسِهَا) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

(وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ) شَرْطُهُ كَشَرْطِ بَعْضِ الْغَنِيمَةِ لِغَيْرِ الْغَانِمِينَ وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَجَابَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ مِمَّا تَكَلَّمُوا فِي ثُبُوتِهِ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَغَنَائِمُ بَدْرٍ كَانَتْ لَهُ خَاصَّةً يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قِسْمَيْ النَّفَلِ وَالْآخَرَانِ يُنَفِّلُ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ فِي الْحَرْبِ أَثَرٌ مَحْمُودٌ كَمُبَارَزَةٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا يَأْتِي فِي الرَّضْخِ

[الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ]

(الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ) وَهُوَ لُغَةً الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ وَشَرْعًا دُونَ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَإِذَا حَضَرَ صَبِيٌّ وَعَبْدٌ وَامْرَأَةٌ) وَخُنْثَى وَزَمِنٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَمَجْنُونٌ وَإِنْ حَضَرُوا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمْ (وَجَبَ الرَّضْخُ) لَا السَّهْمُ (لَهُمْ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا وَفِي الْعَبْدِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ لَكِنَّهُمْ كَثَّرُوا السَّوَادَ فَلَا يُحْرَمُونَ لَكِنَّ الْقِيَاسَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ نَفْعِهِمْ فَلَا يَرْضَخُ لِمَنْ لَا نَفْعَ فِيهِ كَطِفْلٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَيَدُلُّ لَهُ نَصٌّ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَكَذَا ذِمِّيٌّ وَذِمِّيَّةٌ حَضَرَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) يَرْضَخُ لَهُمَا (إنْ لَمْ يُسْتَأْجَرَا) سَوَاءٌ أَقَاتَلَا أَمْ لَا رَوَاهُ فِي قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ أَسْهَمَ وَحُمِلَ عَلَى الرَّضْخِ وَقِيسَ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ فَلَيْسَ لَهُمَا إلَّا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ طَمَعَهُ فِيهَا دَفَعَهُ عَنْ الْغَنِيمَةِ (فَإِنْ حَضَرَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عُزِّرَا) إنْ رَأَى الْإِمَامُ تَعْزِيرَهُمَا وَلَا يَرْضَخُ لَهُمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِمَا وَيُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُسْلِمِ الرَّضْخَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَلَبٌ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الذِّمِّيِّ لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ خُرُوجُهُ بِإِكْرَاهِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فَقَطْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ وَالْحَرْبِيَّ إذَا حَضَرُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ كَالذِّمِّيِّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَحَضَرَ فِي نَوْبَتِهِ أَسْهَمَ لَهُ وَإِلَّا رَضَخَ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مِنْ بَابِ الْإِكْسَابِ

(فَرْعٌ يُفَاضِلُ) الْإِمَامُ (فِي الرَّضْحِ) بَيْنَ أَهْلِهِ (بِقَدْرِ النَّفْعِ) مِنْهُمْ فَيُرَجِّحُ الْمُقَاتِلَ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَارِسَ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ بِخِلَافِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَالرَّضْخُ بِالِاجْتِهَادِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ كَدِيَةِ الْحُرِّ لَمَّا كَانَتْ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا لَمْ تَخْتَلِفْ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مُجْتَهَدٌ فِيهَا فَاخْتَلَفَتْ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِ الرَّضْخِ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى رَأْيِهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَلَوْ) كَانَ الرَّضْخُ (لِفَارِسٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ فَنَقَصَ عَنْ قَدْرِهَا كَالْحُكُومَةِ مَعَ الْأَرْشِ الْمُقَدَّرِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَانَ يَنْقُلُ فِي الْبُدَاءَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ) الْمُرَادُ ثُلُثُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا أَوْ رُبُعُهَا أَيْ الْمَصَالِحِ

(الطَّرَفُ الثَّانِي الرَّضْخُ) (قَوْلُهُ وَعَبْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَخُنْثَى وَزَمِنٍ) أَيْ وَأَعْمَى وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَمَجْنُونٍ) وَعَنْ النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْضَخُ لَهُ وِفَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْوِفَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ يَكُونُ أَجْرَأَ وَأَشَدَّ قِتَالًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ، وَإِذَا زَالَ نَقْضُ أَهْلِ الرَّضْخِ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ بِإِسْلَامٍ أَوْ بُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وُضُوحِ رُجُولِيَّةِ مُشْكِلٍ أَسْهَمَ لَهُ أَوْ بَعْدَ تَفْضِيلِهَا فَقَدْ أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّضْخُ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ نَفْعِهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ نَصٌّ فِي الْبُوَيْطِيِّ) حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُسْهَمُ لِصَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا لِعَبْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ فَيَرْضَخُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا لِكَافِرٍ حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ الرَّضْخُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ أَوْ يَرْضَخُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِيهِ نَظَرٌ وَ.

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ) مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ لِتَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ هُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَامِلِ السَّهْمَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَلَبٌ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>