وَاسْتَدْبَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَزِدْ عَلَى سَجْدَتَيْنِ» ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لِذَلِكَ لَأَمَرَ بِهِ عِنْدَ السَّهْوِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَأَمَّا خَبَرُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَضَعِيفٌ (لَكِنَّهُ) قَدْ يَتَعَدَّدُ صُورَةً كَمَا (لَوْ سَجَدَ فِي) صَلَاةٍ (مَقْصُورَةٍ، أَوْ جُمُعَةٍ، ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا) لِوُجُودِ مُسَوِّغِ الْإِتْمَامِ (أَعَادَ) السُّجُودَ (آخِرَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (وَلَوْ سَهَا) كَأَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا (فِي سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ) وَلَوْ فِي جُلُوسِهِ فِي أَثْنَائِهِ (أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْجُدْ) إذْ لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَيَتَسَلْسَلُ (وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، أَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ مَثَلًا فَسَجَدَ جَاهِلًا) بِأَنْ تَرْكَ ذَلِكَ لَا سُجُودَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا، أَوْ لَا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ جَاهِلًا (سَجَدَ) لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِزِيَادَةِ السُّجُودِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَكَرَهَا بَدَلَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ فِيهَا أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهَا جَاهِلًا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوَّلَ الْبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّوْضَةِ مُقَيَّدَةٌ بِذَلِكَ أَيْضًا وَلَوْ سَهَا إمَامٌ فَاسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا جَرَى عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَسَجَدَ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَآخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ (وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ) مَثَلًا (فَسَجَدَ) لَهُ (فَبَانَ أَنَّهُ التَّشَهُّدُ) الْأَوَّلُ، أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ جَبْرَ الْخَلَلِ، وَهُوَ يَجْبُرُ كُلَّ خَلَلٍ.
(فَرْعٌ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ) وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ حَالَ سَهْوِهِ بِعُذْرٍ كَزِحَامٍ كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْقُنُوتَ، وَالْجَهْرَ، وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهَا؛ وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّجُودِ وَلِخَبَرِ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ فَيَتَحَمَّلُ عَمَّنْ سَهَا خَلْفَهُ (لَا عَمَّنْ سَهَا مُنْفَرِدًا، ثُمَّ تَابَعَهُ) لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعَدِّي الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ رُكْنًا نَاسِيًا) غَيْرَ النِّيَّةِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالسَّلَامِ (أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا يَسْجُدُ) ؛ لِأَنَّهُ سَهَا حَالَ الْقُدْوَةِ، وَقَدْ لَا تَلْزَمُهُ رَكْعَةٌ بِأَنْ تَرَكَ مِنْ الْأَخِيرَةِ سُجُودًا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِتَرْكِ الرُّكُوعِ، أَوْ الْفَاتِحَةِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمَّ (وَيَسْجُدُ مَسْبُوقٌ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ سَهْوًا) ؛ لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ (فَإِنْ ظَنَّهُ) الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مَثَلًا (سَلَّمَ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِهِ لَمْ تُحْسَبْ) لِفِعْلِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا (فَإِذَا سَلَّمَ) إمَامُهُ (أَعَادَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ) لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ (وَلَوْ عَلِمَ فِي الْقِيَامِ) أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ (وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَلَوْ جَوَّزْنَا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ (فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا) بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (لَمْ تُحْسَبْ فَيُعِيدَهَا) لِمَا قُلْنَاهُ (وَيَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ.
(فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ يَلْحَقُ الْمَأْمُومَ، وَإِنْ أَحْدَثَ) الْإِمَامُ (بَعْدَ ذَلِكَ) لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِصَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ السَّهْوَ (فَيَسْجُدُ لَهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ) أَمَّا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا فَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ هُوَ عَنْهُ إذْ لَا قُدْوَةَ حَقِيقَةً حَالَ السَّهْوِ وَكَوْنُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ لَا يَقْتَضِي لُحُوقَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ لُحُوقَهُ تَابِعٌ لِمَطْلُوبِيَّتِهِ مِنْ الْإِمَامِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُحْدِثِ لِبُطْلَانِهَا لَا يُطْلَبُ مِنْهُ جَبْرُهَا فَكَذَا صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ بِهِ (وَإِذَا سَجَدَ مَعَهُ الْمَسْبُوقُ) لِلسَّهْوِ (أَعَادَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ كَمَا مَرَّ (وَيَلْحَقُهُ) سَهْوُ إمَامِهِ (وَلَوْ كَانَ) السَّهْوُ (قَبْلَ اقْتِدَائِهِ) بِهِ لِدُخُولِهِ فِي صَلَاةٍ نَاقِصَةٍ (وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ) بَعْدَ انْفِرَادِهِ (فَاقْتَدَى بِهِ) مَسْبُوقٌ (آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ) ، وَهَكَذَا (لَحِقَ الْجَمِيعَ سَهْوُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَيَسْجُدُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَعَ إمَامِهِ وَفِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَعَلَى الْمَأْمُومِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي السُّجُودِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
السَّجْدَتَانِ لِلْكُلِّ إلَّا إنْ نَوَاهُمَا الْمُعَيِّنُ فَلَهُ (قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) بِأَنْ صَلَّى وَتَرَكَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مَوْصُولًا عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ فَنَسِيَ أَوَّلَهُمَا
[فَرْعٌ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ]
(قَوْلُهُ: يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ حَالَ قُدْوَتِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ كَمَا يَتَحَمَّلُ الْجَهْرَ، وَالسُّورَةَ، وَالْفَاتِحَةَ، وَالْقُنُوتَ، وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَغَيْرَهَا) أَيْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَدُعَاءَ الْقُنُوتِ، وَالْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَسْبُوقِ، وَالْقِيَامَ عَنْهُ، وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ عَنْ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ فَهَذِهِ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مَعَهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ سَهْوَهُ حَالَ قُدْوَتِهِ لَا بَعْدَ انْقِطَاعِهَا وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَسْجُدُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهِ بِشُرُوعِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ الْقُدْوَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَطِعُ حَقِيقَتُهَا إلَّا بِتَمَامِ السَّلَامِ، لَكِنَّهَا ضَعُفَتْ بِالشُّرُوعِ.
[فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ]
(قَوْلُهُ: سَهْوُ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُحْدِثِ إلَخْ) صَلَّى خَلْفَ إمَامِهِ الْمَغْرِبَ فَسَهَا إمَامُهُ فَصَلَّاهَا أَرْبَعًا وَتَرَكَ مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ نُظِرَ إنْ سَهَا الْآخَرُ مَعَهُ، أَوْ تَبِعَهُ جَاهِلًا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا أَنْ يَأْتِيَا بِسَجْدَةٍ وَرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ وَعَلَيْهِمَا سُجُودُ السَّهْوِ، وَذَلِكَ أَنَّا نَجْعَلُ مِنْ الْأُولَى سَجْدَةً وَمِنْ الثَّانِيَةِ سَجْدَتَيْنِ وَتَتِمُّ لَهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ وَنَجْعَلُ مِنْ الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً فَتَكْمُلُ الْأُولَى بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَيَصِيرُ مَعَهُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُحْدِثِ لِبُطْلَانِهَا إلَخْ) وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا فَبَانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَلَوْ كَانَتْ جَمَاعَةً بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَوَجَبَ الْإِتْمَامُ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ جَمَاعَةٌ يَعْنُونَ بِهِ حُصُولَ ثَوَابِهَا لِلْمَأْمُومِ بِقَصْدِهِ الْجَمَاعَةَ وَلَا حِيلَةَ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى حَدَثِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَأْمُومِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي السُّجُودِ) لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ فِي تَشَهُّدِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ، وَالسَّلَامِ وَتَرَكَ بَاقِيَ التَّشَهُّدِ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ فِي الْأَوْجَهِ ثُمَّ أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ وَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا وَلَدُهُ فِي الشَّرْحِ بِاحْتِمَالَيْنِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي أُولَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute