للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرٍو، وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ عَنْهُ شَيْئًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْفُقَرَاءِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةٍ طَوِيلَةٍ حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْوَقْفِ لِحَجْبِهِ بِمَنْ فَوْقَهُ يُشَارِكُ وَلَدُهُ مَنْ بَعْدَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، وَالْأَشْرَافِ الْمُقِيمِينَ بِبَلَدِ كَذَا فَأَقَامَ زَيْدٌ بِتِلْكَ الْبَلَدِ وَكَانَ شَرِيفًا اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ جُزْءًا مُضَافًا لِمَا مَعَهُ أَفْتَى بِهِ ابْنُ رَزِينٍ قَالَ: لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ الْمُقِيمِينَ يَقْتَضِي اسْتِيعَابَهُمْ قَالَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَكَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا حَيْثُ لَا يَأْخُذُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ تَثْبُتْ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقًا خَاصًّا وَلِلْوَصِيِّ حِرْمَانُهُ وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ.

(وَيَجُوزُ) الْوَقْفُ (عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى) أَيْ أَقَارِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقَوْلُهُ: دَارِي وَقْفٌ) أَوْ وَقَفْت دَارِي (عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي وَصِيَّةٌ) الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْوَصِيَّةِ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) وَلِلْإِمَامِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ قَالَ وَقَفْتهَا لِيُصْرَفَ مِنْ غَلَّتِهَا كُلَّ شَهْرٍ إلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَرُدَّ) عَلَيْهِ (فَوَجْهَانِ) فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَعَدَمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّحْنَا) (صَرْفَ الْفَاضِلِ إلَى الْوَاقِفِ، أَوْ) إلَى (قَرَابَتِهِ أَوْ) إلَى (الْمَسَاكِينِ) فِيهِ (ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) أَقْرَبُهَا الثَّانِي (وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ، وَالْفُقَرَاءِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ) فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى الْمَسْجِدِ) أَوْ نَحْوِهِ كَالرِّبَاطِ (صَحَّ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَصْرِفَ) مِنْ عِمَارَتِهِ، أَوْ دُهْنِ سِرَاجِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَكَانَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَإِنْ قَالَ جَعَلْت دَارِي خَانْقَاهْ) لِلْغُزَاةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ آخِرَهُ (لَمْ يَصِحَّ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي فِيهَا وَقَفْت، قَالَ: وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِنَاءٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ آخِرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِيَتَأَبَّدَ الْوَقْفُ، وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لَهُ وَأَمَّا صِيغَةُ جَعَلْت فَلَمْ أَرَهَا فِي فَتَاوِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ اللَّفْظِيَّةِ) وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ مَرْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُنَافِي الْوَقْفَ (فَقَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ) بَيْنَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ فَمَنْ دُونَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَبَدًا، أَوْ مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ نَحْوَهُ (وَلَوْ قَالَ) مَعَ ذَلِكَ (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لِمَزِيدِ التَّعْمِيمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ قَالَ وَعَلَيْهِ هُوَ لِلتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فَقَطْ فَيَنْتَقِلُ بِانْقِرَاضِ الثَّانِي لِمَصْرِفٍ آخَرَ إنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا (فَإِنْ قَالَ) بَدَلَ " بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ " (الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، أَوْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) أَوْ نَحْوِهَا بِالْجَرِّ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهَا (أَوْ قَالَ) وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي (ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا تَرَتَّبُوا) لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ (فَلَا يَأْخُذُ بَطْنٌ وَهُنَاكَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ بَطْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ (أَحَدٌ) وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ مَا تَنَاسَلُوا بِالْأَخِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِيهَا بَلْ إنْ ذَكَرَهُ فِيهَا وَفِي الْبَقِيَّةِ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ وَالتَّرْتِيبُ خَاصَّيْنِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَلِأُمِّهِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ أَوْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا تَعْلِيقٌ بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ صِحَّةُ الْوَقْفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْأُسْتَاذُ قَالَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّهُ تَعْلِيقٌ صَحِيحٌ لَكِنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ فِي التَّمْلِيكَاتِ يَصِحُّ وَصِيَّةً فَالْوَقْفُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ إلَخْ يُقَالُ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إيقَاعَ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهَذَا مِثْلُهُ، أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الْحَقُّ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَنَا تَصَرُّفٌ نَاجِزٌ وَأَثَرُهُ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ بَلْ قَالَ وَالْأَظْهَرُ صِحَّتُهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ إذَا مِتّ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي؛ إذْ الْمَعْنَى فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ وَقَفْتهَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إذَا مِتّ وَقَفْتهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَالثَّانِيَ تَعْلِيقُ إنْشَاءٍ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ وَعْدٌ مَحْضٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ جَعَلْت دَارِي مَسْجِدًا صَارَتْ مَسْجِدًا عَلَى الْأَصَحِّ فَلْيَكُنْ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ جَوَابًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ " جَعَلْتُ " صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَفِيهِ طَرَفَانِ]

[الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفُ اللَّفْظِيَّةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ) (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَيْ أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ) أَيْ وَالْعَبَّادِيِّ وَالْفُورَانِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(تَنْبِيهٌ) مَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ هُنَا الدَّلَالَةُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَنْقَرِضْ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ تَعْمِيمُ اسْتِحْقَاقِ مَنْ وُجِدَ بَعْدُ لَا تَقْيِيدُ اسْتِحْقَاقِهِ بِوُجُودِهِ مُنْفَرِدًا بَعْدَ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ كَلِمَةَ " بَعْدَ " لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي التَّرْتِيبِ فَهِيَ بِمَعْنَى " مَعَ " نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: ١٣] أَيْ مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٍ وقَوْله تَعَالَى {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] عَلَى قَوْلِ ع أَمَّا لَوْ قَالَ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ جَارٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا) كَانَ لَاحِقٌ وَثَمَّ مَنْ فَوْقَهُمْ أَوْ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ مَا تَنَاسَلُوا بِالْأَخِيرَةِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>