الْمُتَنَجِّسُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُصَلُّوا فِيهِ وَلَا يُجْزِئُ مَا نُسِجَ مِنْ نَجَسِ الْعَيْنِ كَصُوفِ مَيِّتَةٍ (فَإِنْ كَسَا رَضِيعًا) شَيْئًا (لَائِقًا بِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ صَرْفَ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَكِسْوَتَهَا لِلصِّغَارِ جَائِزٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْأَخْذَ (وَكَذَا لَوْ أَعْطَاهُ) أَيْ اللَّائِقَ بِالصَّغِيرِ (كَبِيرًا) لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ كَمَا يُعْطَى مَا لِلْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُعْتَبَرُ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِلَى قَوْله تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] الْمَنْعُ حَيْثُ أَضَافَ الْكِسْوَةَ إلَى مَنْ يُكْسِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ بِهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَدُّ خَلَّةِ الْفَقِيرِ (وَيُسْتَحَبُّ) ثَوْبٌ (جَدِيدٌ) خَامًا كَانَ أَوْ مَقْصُورًا (وَيَجُوزُ عَتِيقٌ فِيهِ قُوَّةٌ) كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ وَلِانْطِلَاقِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ يَرِدُ فِي الْبَيْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِهَا كَالْعَيْبِ الَّذِي يَضُرُّ بِالْعَمَلِ فِي الرَّقِيقِ (لَا مُنْمَحِقٌ) كَالطَّعَامِ الْمَعِيبِ (وَ) لَا (مُرَقَّعٌ لِبَلَى) لِعَيْبِهِ (لَا) مُرَقَّعٌ (لِزِينَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (وَلَا يُجْزِئُ جَدِيدٌ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ) إذَا كَانَ (فِي ضَعْفِ الْبَالِي) أَيْ إذَا كَانَ لُبْسُهُ لَا يَدُومُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَدُومُ الثَّوْبُ الْبَالِي لِضَعْفِ النَّفْعِ بِهِ
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ) الْكَفَّارَةُ (وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حَتَّى الْكَافِرُ) الْمُلْتَزِمُ لِلْأَحْكَامِ (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ لَزِمَتْهُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَلَهُ تَرِكَةٌ (أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ
[فَصْلٌ الْعَبْدُ يُكَفِّرُ عَنْ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا بِالصَّوْمِ]
(فَصْلٌ الْعَبْدُ) مُرَادُهُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (يُكَفِّرُ) عَنْ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا (بِالصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ (وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ) فِي تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ (فَإِذَا احْتَاجَ) إلَيْهِ فِيهِ (فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهَا عَنْ الْخِدْمَةِ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ (وَكَذَا) لَهُ (مَنْعُ عَبْدٍ يُضْعِفُهُ) عَنْ الْخِدْمَةِ (فَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهُ) عَنْهَا (لَمْ يَمْنَعْهُ) مِنْ ذَلِكَ (وَلَا مِنْ صَوْمِ تَطَوُّعٍ وَصَلَاتِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخِدْمَةِ كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الذِّكْرِ) وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَوْ (حَالَ الْعَمَلِ فَلَوْ صَامَ مَنْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِلَا إذْنٍ أَجْزَأَهُ) عَنْهَا (كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ) بِلَا إذْنٍ، وَهَذَا كُلُّهُ سِوَى النَّظِيرَيْنِ وَمَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ الصَّوْمِ قَدَّمَهُ فِي الْكَفَّارَاتِ (فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ) وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (فَلِلسَّيِّدِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْمَالِ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ إذْ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَالْحُرُّ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّ التَّكْفِيرَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ يَتَضَمَّنُ دُخُولَ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ مِلْكٌ مُحَقَّقٌ (لَا بِالْعِتْقِ) عَنْهُ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ (وَقَدْ سَبَقَ) فِي الصِّيَامِ (ذِكْرُ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ) فَيَصُومُ عَنْهُ قَرِيبُهُ لَا غَيْرُهُ وَالْإِشَارَةُ إلَى هَذَا فِي الْعَبْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَصْلٌ) لَوْ (مَاتَ) الْحُرُّ (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَهِيَ دَيْنُ اللَّهِ) تَعَالَى (وَحُقُوقُ اللَّهِ) تَعَالَى (مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّ) فَتُخْرَجُ قَبْلَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا لِخَبَرِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» (إلَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَحْدَهُ بِعَيْنٍ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ (وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً أَعْتَقَ عَنْهُ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ وَالْوَلَاءُ) عَلَى الْعَتِيقِ (لِلْمَيِّتِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِعْتَاقُ أَطْعَمَ مِنْ التَّرِكَةِ (أَوْ) كَانَتْ (ذَاتَ تَخْيِيرٍ وَجَبَ مِنْ الْخِصَالِ) الْمُخَيَّرِ فِيهَا (أَقَلُّهَا) قِيمَةً وَكُلٌّ مِنْهَا جَائِزٌ لَكِنْ الزَّائِدُ عَلَى أَقَلِّهَا قِيمَةً يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَوْ لَزِمَ الْمُرْتَدَّ كَفَّارَةُ تَخْيِيرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْأَقَلُّ) ، وَإِنْ ضَعُفَ مِلْكُهُ كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ (فَلَوْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ (تَرِكَةٌ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ جَازَ) كَالْوَارِثِ (أَوْ بِالْعِتْقِ) وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُخَيَّرَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ الْوَارِثِ لِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتِقُ لِمَا فِيهِ مِنْ عُسْرِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ (فَلَوْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً جَازَ الْإِعْتَاقُ) عَنْهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَعَيُّنِهِ (وَلَوْ أَوْصَى فِي الْمُخَيَّرَةِ بِالْعِتْقِ) عَنْهُ وَزَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ (حُسِبَتْ) قِيمَتُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ تَحْصُلُ بِمَا دُونَهَا (فَإِنْ وَفَّى) الثُّلُثُ بِقِيمَةِ عَبْدٍ مُجْزِئٍ أَعْتَقَ عَنْهُ (وَإِلَّا عَدَلَ عَنْهُ) إلَى الطَّعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ مَعَهُ وَجْهًا أَنَّ قِيمَةَ أَقَلِّهَا قِيمَةً تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزِّيَادَةُ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وَفَّى ثُلُثُ الْبَاقِي مَضْمُومًا إلَى الْأَقَلِّ الْمَحْسُوبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَ عَنْهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَدَلَ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ كَأَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ أَرْبَعِينَ وَقِيمَةُ أَقَلِّهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينُ]
فَصْلٌ)
(قَوْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحِنْثُ وَاجِبًا وَجَائِزًا وَمَمْنُوعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ (ر) (قَوْلُهُ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَوْطُوآتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا وَلَكِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَفِي الْمَنْعِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ) إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا اث وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى مَالِكِهَا بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرُوا وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ الْمُقْتَضِي لِلْكَفَّارَةِ حَالًّا كَالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ إلَخْ
[فَصْلٌ مَاتَ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ]
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فِي الْإِعْسَارِ بِالْجِزْيَةِ فَالسُّلْطَانُ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِمَالِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ وَلَا غُرَمَاؤُهُ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُخَصَّصُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي عَلَى التَّرَاخِي كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ حَيْثُ لَا تَعَدِّيَ تَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ فَأَمَّا الْوَاجِبَةُ عَلَى الْفَوْرِ كَالزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ فَفِيهَا الْخِلَافُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ فِي حَالَتَيْ الْمَوْتِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فِيهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ نَصُّوا عَلَى الْعِتْقِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْخِصَالِ غَالِبًا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِزِيَادَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْهَا عَلَى أَقَلِّهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute