للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْشِ (بِخِلَافِ الْمُوضِحَتَيْنِ) فَإِنَّهُ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ فِي إحْدَاهُمَا وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ (وَإِنْ أَوْضَحَ) الْجَانِي (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الرَّأْسِ (كَالنَّاصِيَةِ وَالْقَذَالِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ جِمَاعُ مُؤَخِّرِ الرَّأْسِ (تَعَيَّنَ الْمَوْضِعُ) لِلْإِيضَاحِ (وَيُتَمِّمُ مَا نَقَصَ) مِنْ مُوضِحَتِهِ (مِنْ الرَّأْسِ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ (لَا مِنْ الْجَبْهَةِ وَالْقَفَا) ، وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَعْضَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ (وَلَا) يُتَمِّمُ (السَّاعِدَ) أَيْ مُوضِحَتَهُ (مِنْ الْعَضُدِ وَالْكَفِّ) ، وَلَا عَكْسُهُ لِذَلِكَ (وَلْيَحْلِقْ) إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ (مَوْضِعَهَا مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ (وَيُعَلِّمُ بِخَطٍّ) مِنْ سَوَادٍ، أَوْ حُمْرَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا (وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ) حَادَّةٍ (كَالْمُوسَى لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ) ، وَنَحْوِهِمَا (وَإِنْ) كَانَ (أَوْضَحَ بِهِ) إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الرُّويَانِيُّ. انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْقَفَّالِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْتَصُّ بِمِثْلِ مَا فَعَلَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَلَا عِبْرَةَ بِغِلَظِ الْجِلْدِ) ، أَوْ اللَّحْمِ (وَرِقَّتِهِ) كَمَا لَا عِبْرَةَ بِتَفَاوُتِ كِبَرِ الْأَطْرَافِ (وَيَفْعَلُ) الْمُقْتَصُّ (الْأَسْهَلَ) عَلَى الْجَانِي مِنْ الشَّقِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ الْأَشْبَهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ جِنَايَتِهِ إنْ، أَوْضَحَ دَفْعَةً فَدَفْعَةً، أَوْ بِالتَّدْرِيجِ فَبِالتَّدْرِيجِ (وَيَضْبِطُ الْجَانِي) وُجُوبًا لِئَلَّا يَضْطَرِبَ (فَإِنْ زَادَ الْمُقْتَصُّ) فِي الْمُوضِحَةِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ (بِاضْطِرَابِ الْجَانِي فَهَدَرٌ، أَوْ عَمْدًا اقْتَصَّ مِنْهُ) فِي الزَّائِدِ لَكِنْ (بَعْدَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ، أَوْ خَطَأً) كَأَنْ اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (فَأَرْشٌ كَامِلٌ) يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ وَتَخَالُفُ الْحُكْمِ كَتَعَدُّدِ الْجَانِي (وَيُصَدَّقُ) الْمُقْتَصُّ (بِيَمِينِهِ إنْ قَالَ أَخْطَأْت) بِالزِّيَادَةِ، وَقَالَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بَلْ تَعَمَّدْت؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمْدِ (وَإِنْ قَالَ) تَوَلَّدَتْ الزِّيَادَةُ (بِاضْطِرَابِهِ) ، وَأَنْكَرَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ (فَوَجْهَانِ) فِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُ الِاضْطِرَابِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمَا تَصْدِيقَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ (تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي الطَّرَفِ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنْ يَرْضَى الْجَانِي بِذَلِكَ، أَوْ يُوَكِّلَ فِيهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَيْرَهُ.

(فَرْعٌ: إيضَاحُ الْجَمَاعَةِ كَقَطْعِهِمْ الطَّرَفَ) فِي كَيْفِيَّةِ الِاشْتِرَاكِ وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ فَإِذَا تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَجَرُّوهَا مَعًا وَجَبَ أَنْ يُوضَحَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلَ تِلْكَ الْمُوضِحَةِ، وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ وَيُوضَحُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ، وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ وُزِّعَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ كُلُّ أَرْشٍ كَامِلٍ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي الْأُولَى.

(فَرْعٌ: يُقْتَصُّ فِي الْمُوضِحَةِ) الَّتِي (لِذِي شَعْرٍ مِنْ) شَاجٍّ (ذِي شَعْرٍ، وَإِنْ تَفَاوَتَا) فِي الشَّعْرِ خِفَّةً، وَكَثَافَةً (وَكَذَا مِنْ) شَاجٍّ (أَقْرَعَ لَا عَكْسِهِ) بِأَنْ كَانَ الْمَشْجُوجُ أَقْرَعَ وَالشَّاجُّ لَيْسَ بِأَقْرَعَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ وَعَبَّرَ بِالْأَقْرَعِ إشَارَةً إلَى مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ نَصِّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ اخْتَصَّ الشَّعْرُ بِرَأْسِهِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ، وَنَصِّ الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ فَيَحْلِقُ مَحَلَّ الشَّجَّةِ ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِرَأْسِهِمَا شَعْرٌ فَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ بِرَأْسِ الْمَشْجُوجِ لِفَسَادِ مَنْبَتِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِحَلْقٍ، وَنَحْوِهِ.

(فَرْعٌ:) لَوْ (خَفِيَ الْإِيضَاحُ) بِأَنْ شَكَّ هَلْ أَوْضَحَ بِالشَّجَّةِ، أَوْ لَا (لَمْ يَقْتَصَّ) مَعَ الشَّكِّ (بَلْ يَسْبُرُ) بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَبْحَثُ عَنْهُ بِمِسْمَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَعْرِفَ (وَيَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَانِ، أَوْ يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي، وَهُوَ) أَيْ الْإِيضَاحُ يَحْصُلُ (بِالِانْتِهَاءِ إلَى الْعَظْمِ حَتَّى لَوْ غَرَزَ إبْرَةً وَانْتَهَتْ إلَيْهِ فَمُوضِحَةٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْعَظْمُ لِلنَّاظِرِ.

[فَصْلٌ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِيهَا أَوْ لَا يُؤَثِّرُ]

(فَصْلٌ:) فِي الصِّفَاتِ الَّتِي يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِيهَا، أَوْ لَا يُؤَثِّرُ (تُقْطَعُ) يَدٌ مَثَلًا (سَلِيمَةٌ بِبَرْصَاءَ وَعَسْمَاءَ وَعَرْجَاءَ وَعَلِيلَةَ ظُفُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الْعُضْوِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ كَالْمُوسَى) لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ، وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْعُدُولُ عَمَّا فَعَلَ بِهِ إلَى الْمُوسَى عَلَى حَالَةِ خَوْفِ حَيْفٍ وَزِيَادَةٍ، وَالْمُمَاثَلَةُ عَلَى حَالَةِ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ كَاتِبُهُ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ الْأَشْبَهُ إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِهِمْ إذْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُمَاثَلَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ الْمُقْتَصُّ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي فَهَدَرٌ أَوْ بِاضْطِرَابِهِمَا فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يُوَزَّعُ) فَيُهْدَرُ الشَّطْرُ، وَيَلْزَمُ الْمُقْتَصَّ الشَّطْرُ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ حَيْثُ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ حَيْثُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ لِعَدَمِ إهْدَارِ فِعْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بِاضْطِرَابِهِ فَوَجْهَانِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَصْدِيقِ الْمَشْجُوجِ يَعْنِي، وَهُوَ الْمُقْتَصُّ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي حَقِّهِ أَصْلَانِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُ الِارْتِعَاشِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْآخَرِ إلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ بَلْ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ مَسَّهُ آلَةُ الْقِصَاصِ يَتَحَرَّكُ بِالطَّبْعِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمَا تَصْدِيقَ الْمُقْتَصِّ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ مُقْتَضِيَةٌ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ يَدَّعِي إسْقَاطَ الضَّمَانِ بِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي مُوضِحَةٍ وَآلَ إلَى الْأَرْشِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْشٌ كَامِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.، وَقَدْ صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَهُوَ الْمَذْهَبُ.

(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْإِقْرَاعِ أَشَارَ إلَى مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

قَوْلُهُ: وَعَرْجَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْعَرَجَ قُصُورٌ فِي السَّاقِ أَوْ الْفَخِذِ أَوْ ظُهُورِ خَلَلٍ فِي بَعْضِ مَفَاصِلِهِ وَالْقَدَمُ سَلِيمَةٌ فَأَمَّا إنْ قُطِعَ رِجْلٌ أُخِيفَ فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ فِي الرِّجْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>