للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُقْبَلُ) فِي شَهَادَتِهِ (فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ (وَمَنْ غَلِطَ فِي شَهَادَةٍ لَمْ يُسْتَبْرَأْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهُ (بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ وَاقِعَةٍ لِغَلَطٍ) وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا

(فَصْلٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ) بِالِاتِّفَاقِ (وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ) تَوْبَتُهُ (وَتَكَرَّرَ مِنْهُ الْعَوْدُ) إلَى الذَّنْبِ (وَلَا تَبْطُلُ) تَوْبَتُهُ (بِهِ) بَلْ هُوَ مُطَالَبٌ بِالذَّنْبِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (وَإِنْ كَانَتْ) تَوْبَتُهُ (مِنْ الْقَتْلِ) الْمَوْجُودِ لِلْقَوَدِ (صَحَّتْ) تَوْبَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ (وَمَنْعُهُ الْقِصَاصَ) حِينَئِذٍ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ (مَعْصِيَةٌ جَدِيدَةٌ لَا تَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ) بَلْ تَقْتَضِي تَوْبَتَهُ مِنْهَا (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ كُلَّمَا ذَكَرَ الذَّنْبَ) وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّ تَرْكَهُ حِينَئِذٍ اسْتِهَانَةٌ بِالذَّنْبِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَسُقُوطُ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ مَظْنُونٌ) لَا مَقْطُوعٌ بِهِ (وَ) سُقُوطُهُ (بِالْإِسْلَامِ مَعَ النَّدَمِ مَقْطُوعٌ بِهِ) وَثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إسْلَامُ الْكَافِرِ تَوْبَةً مِنْ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا تَوْبَتُهُ نَدَمُهُ عَلَى كُفْرِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إيمَانُهُ بِلَا نَدَمٍ فَتَجِبُ مُقَارَنَةُ الْإِيمَانِ لِلنَّدَمِ عَلَى الْكُفْرِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (حَكَمَ) الْقَاضِي (بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا) لَهُ (كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ) أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (نُقِضَ حُكْمُهُ) أَيْ أُظْهِرَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَوُجِدَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ (وَيَنْقُضُهُ غَيْرُهُ) إذَا بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَهَادَةِ الْعَبِيدِ فَكَيْفَ نَقْضُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ قُلْنَا لِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْعَبِيدِ وَحَكَمَ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّهُمَا حُرَّيْنِ فَلَا اعْتِدَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي الْوِلَايَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ (وَإِنْ شَهِدَا ثَمَّ فِسْقًا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَيُشْعِرُ بِخُبْثٍ كَأَمْنٍ وَلِأَنَّ الْفِسْقَ يَخْفَى غَالِبًا فَرُبَّمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الشَّهَادَةِ (وَإِنْ) شَهِدَا ثُمَّ (مَاتَا أَوْ جُنَّا أَوْ عَمِيَا أَوْ خَرِسَا حُكِمَ) بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى (بَلْ يَجُوزُ التَّعْدِيلُ) لَهُمَا (بَعْدَ حُدُوثِهَا) ثُمَّ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَلَوْ فَسَقَا) أَوْ ارْتَدَّا (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِمَا (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِ اسْتَوْفَى كَمَا وَرَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْحُدُودُ فَلَا يُسْتَوْفَى

(فَرْعٌ فَإِنْ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ بَانَ لِي أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ) وَلَمْ تَظْهَرْ بَيِّنَةٌ بِفِسْقِهِمَا (نُقِضَ) حُكْمُهُ أَيْضًا (إنْ جَوَّزْنَا قَضَاءَهُ بِالْعِلْمِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ وَلَوْ قَالَ أُكْرِهْت عَلَى الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِمَا (وَأَنَا أَعْلَمُ فِسْقَهُمَا قُبِلَ) قَوْلُهُ (مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ) عَلَى الْإِكْرَاهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرِينَةِ لَا يُوَافِقُ تَعْبِيرَ أَصْلِهِ بِالْبَيِّنَةِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّخْصِ أَنَّهُ أُكْرِهَ إلَّا بِقَرِينَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مِمَّا يُسَوِّغُ الْإِقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَرِفٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَطَأِ فَلَا يَتَعَدَّى اعْتِرَافُهُ إلَى غَيْرِهِ (وَيُنْقَضُ) الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ (إنْ بَانَا وَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدَيْنِ لِلشُّهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَانَا بِالْبَيِّنَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ كُنْت يَوْمَ الْحُكْمِ فَاسِقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ كُنَّ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَاسِقَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَانَ لِي فِسْقُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِصِفَةِ نَفْسِهِ مِنْهُ بِصِفَةِ غَيْرِهِ فَتَقْصِيرُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَكْثَرُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ]

قَوْلُهُ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ) شَمِلَ قَوْلُهُ الْمَعْصِيَةِ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ وَلَكِنَّ الصَّغَائِرَ قَدْ تُمْحَى بِغَيْرِ تَوْبَةٍ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالصِّيَامِ وَالْوُضُوءِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ تُكَفِّرُ الصَّلَوَاتُ وَالْجُمَعُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ بَعْضَ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ تُوجَدْ صَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ) إنَّمَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ فِي هَذِهِ مَعَ بَقَاءِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكَادُ يَسْمَحُ بِتَلَفِ نَفْسِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَهَذَا الْمَنْعُ طَرِيقٌ إلَيْهِ

[فَصْلٌ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا لَهُ كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ]

(قَوْلُهُ لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا) أَيْ عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَافِرَيْنِ إلَخْ لَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَحَلَفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَتَبَرَّعَ بِأَنْ تُفْرَضَ فِيهَا لِصِدْقِ شَاهِدَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُسْتَنَدُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ) فَتَكُونُ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْمَحْكُومِ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى أَنْ نُقِضَ لِرَبِّهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ قَبُولَ الْكَافِرِ أَمَّا عَلَى مِثْلِهِ أَوْ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي قَوَاعِدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى شَهَادَةِ زُورٍ أَوْ عَلَى حُكْمٍ بِبَاطِلٍ فَإِنْ كَانَ مَا أُكْرِهَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمِ بِهِ قَتْلًا أَوْ قَطْعَ عُضْوٍ أَوْ إحْلَالَ بُضْعٍ مُحَرَّمٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَلَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْحُكْمُ بِمَالٍ لَزِمَهُ إتْلَافُهُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا بِأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ كَقَطْعِ عُضْوٍ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ يَتَضَمَّنُ قَتْلَ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِوَاطًا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْحُكْمِ كَهُوَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَصَوَّرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقْتَ الْبَحْثِ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ بِأَنْ يُكْرِهَهُ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا غُلَامُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ لَاطَ بِهِ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>