للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ لَمْ يَضْمَنْ) هـ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَرَكَةِ إحَالَةً لِلْهَلَاكِ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ، وَمُبَاشَرَتِهِ؛ وَلِأَنَّ النَّقْلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ بَلْ غَالِبُ حَالِهِ الْفِرَارُ مِنْ النَّاسِ نَعَمْ إنْ أَلْقَاهُ فِي زُبْيَتِهِ، وَهُوَ فِيهَا فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى قَتْلِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَالِغِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّبِيَّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَمَضْمُونٌ بِالْيَدِ وَالْمَسْبَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ اسْمٌ لِلْأَرْضِ الْكَثِيرَةِ السِّبَاعِ، وَيَجُوزُ ضَمُّ الْمِيمِ، وَكَسْرُ الْبَاءِ أَيْ ذَاتُ سِبَاعٍ قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ.

[فَصْلٌ يَضْمَنُ ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ فِي الْغَصْبَ الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ]

(فَصْلٌ: يَضْمَنُ) ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ (الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ (وَالْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمُ الصَّنْعَةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عُدْوَانًا عَلَى الْأَصْلِ) مُبَاشَرَةً، وَعَلَى الزَّوَائِدِ تَسَبُّبًا إذْ إثْبَاتُهَا عَلَى الْأَصْلِ سَبَبٌ لِإِثْبَاتِهَا عَلَى زَوَائِدِهِ نَعَمْ لَوْ اصْطَادَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ صَيْدًا فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ إلَّا أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ ثُمَّ إثْبَاتُ الْيَدِ يَكُونُ فِي الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْمَنْقُولِ فَقَالَ (بِنَقْلِ الْمَنْقُولِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا بِدُونِ نَقْلِهِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا لَوْ جَلَسَ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ فِرَاشٍ وَلَمْ يَنْقُلْ) فَإِنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِحُصُولِ غَايَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ نَعَمْ إنْ حَضَرَهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يُزْعِجْهُ لَكِنَّهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِنِصْفِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَكَرُكُوبِ الدَّابَّةِ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ ثُمَّ ثَنَّى الْمُصَنِّفُ بِالْعَقَارِ فِي صُوَرٍ فِيهَا أَشْيَاءُ لَيْسَتْ قُيُودًا كَمَا سَأُشِيرُ إلَى بَعْضِهَا فَقَالَ (أَوْ أَضَافَ إلَى مِلْكِهِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ اقْتَطَعَ أَرْضًا مُلَاصِقَةً لِأَرْضِهِ وَبَنَى عَلَيْهَا حَائِطًا، وَأَضَافَهَا إلَى مِلْكِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَزْعَجَ الْمَالِكَ) أَيْ أَخْرَجَهُ (عَنْ دَارِهِ وَدَخَلَهَا بِعِيَالِهِ) أَوْ بِدُونِهِمْ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (عَلَى هَيْئَةِ السَّاكِنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ (أَوْ أَزْعَجَهُ) عَنْهَا (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهَا) إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي قَبْضِهَا دُخُولُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا (أَوْ دَخَلَ) هَا (بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ) مَالِكُهَا (فِيهَا) فَهُوَ غَاصِبٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمَالِكُ قَوِيًّا لِوُجُودِ الِاسْتِيلَاءِ، وَأَثَرُ قُوَّةِ الْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ فِي سُهُولَةِ النَّزْعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَبَ قَلَنْسُوَةَ مِلْكٍ فَإِنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَى الْمَالِكِ نَزْعُهَا (فَإِنْ مَنَعَهُ شَيْئًا مِنْهَا) كَأَنْ سَكَنَ بَيْتًا مِنْهَا، وَمَنَعَهُ مِنْهُ دُونَ بَاقِيهَا (فَغَاصِبٌ لَهُ) دُونَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ (أَوْ شَارَكَهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) لِاجْتِمَاعِ يَدِهِمَا وَاسْتِيلَائِهِمَا (لَا إنْ دَخَلَ) هَا لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ بَلْ (لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ لَهُ) أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا أَوْ لِنَحْوِهِمَا فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهَا وَلَا يَضْمَنُهَا.

(وَلَوْ تَلِفَتْ، وَهُوَ فِيهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهَا إلَى قَرِينَةٍ، وَعَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةً فَلَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِهَا مِنْ قَرِينَةِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فِي رَفْعِ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ جَلَسَ عَلَى دَابَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَيِّرْهَا) وَفِي الْبَيْعِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا بِالنَّقْلِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْبَائِعُ فِي الرُّكُوبِ فَيَكْفِي مِنْ غَيْرِ تَسْيِيرٍ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقُلْ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا) كَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ مِنْ النَّقْلِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فَقَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَنْقُولِ النَّقْلُ إلَّا فِي الدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ فَإِنَّ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِمَا يَتِمُّ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا فِيهِ جُعِلَتْ الْيَدُ لَهُ. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ نَقْلِ الْمَنْقُولِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ أَمَّا مَنْقُولٌ هُوَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْقَاضِيَ صَرَّحَ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ يَزْجُرُهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ. اهـ. وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْجَالِسُ أَقْوَى مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَكَرُكُوبِ الدَّابَّةِ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا فِيهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْمَالِكِ مِثَالٌ، وَأَنَّ حُضُورَ مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ مُكْتَرٍ وَحَافِظٍ، وَمُسْتَعِيرٍ كَحُضُورِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ بِهَا وَلَمْ يُزْعِجْهُمْ لِعَدَمِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كُلِّهَا، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ غَاصِبٌ لَهَا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الدَّارَ، وَمَا فِيهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ غَصَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ وَلَمْ يَنْقُلُهُ هَلْ يَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ وَجْهَانِ وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ دَارًا، وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ نَقْلِ أَمْتِعَتِهِ كَانَ غَاصِبًا لِلدَّارِ وَالْأَمْتِعَةِ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ غَصْبُهُ عَلَى نَقْلِهِ إذَا كَانَ تَابِعًا وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الظَّرْفِ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمَظْرُوفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ أَخْذِهِ كَانَ غَاصِبًا، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ الْفَرْضُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ بِمُفْرَدِهِ فِي الدَّارِ مَعَ الْغَاصِبِ لَا غَيْرُ أَمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ، وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ؟ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْرُوفَةً بِمِلْكِ صَاحِبِهَا أَمْ لَا؟ . لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. اهـ. قَالَ الكوهكيلوني: إذَا سَاكَنَ الدَّاخِلُ السَّاكِنَ بِالْحَقِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الدَّاخِلِ أَهْلٌ مُسَاوُونَ لِأَهْلِ السَّاكِنِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ دَخَلَ غَاصِبٌ، وَمَعَ السَّاكِنِ مِنْ أَهْلِهِ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ النِّصْفُ وَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ بِالْحَقِّ اثْنَيْنِ كَانَ ضَامِنًا لِلثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكِهِ لِذَلِكَ) لِيَنْظُرَ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>