للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ الْوَاقِفِ) لَا مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ اللُّزُومُ) فِي الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ سَوَاءٌ أَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَسَلَّمَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَالْعِتْقِ (وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) بِأَنْ قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنَّهُ لَازِمٌ حَالَ كَوْنِهِ وَقْفًا وَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَصَوَّرَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ يُنَجِّزَ الْوَقْفَ وَيُعَلِّقَ الْإِعْطَاءَ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَرِيعُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِصَالِحِ الْوَقْفِ خَاصَّةً (وَيَنْتَقِلُ مِلْكُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (إلَى اللَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهِ.

(وَجَعْلُ الْبُقْعَةِ مَسْجِدًا، أَوْ مَقْبَرَةً تَحْرِيرٌ لَهَا) كَتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا انْتَقَلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ، وَفِي أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ كَالْحُرِّ، وَفِي أَنَّهُ لَوْ مُنِعَ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمَا بِغَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ أَنَّ الْأَخِيرَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ، وَالرِّبَاطُ، وَالْمَدْرَسَةُ، وَنَحْوُهَا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّحْرِيرِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأُمُورِ، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ.

(فَصْلٌ الْفَوَائِدُ) مِلْكٌ (لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَهِيَ (كَالدَّرِّ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ لَا الْأَغْصَانِ) فَلَيْسَتْ لَهُ (إلَّا) الْأَغْصَانَ (مِنْ) شَجَرِ (خِلَافٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالثَّمَرَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ مِنْ فَوَائِدِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ لَا الْمَنْفَعَةُ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ (وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ) لِلْوَقْفِ (كَالْأُمِّ) فِي كَوْنِهِ وَقْفًا مِثْلَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الصُّوفُ وَنَحْوُهُ (وَ) الْحَمْلُ (الْحَادِثُ كَالدَّرِّ) فَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَلَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَفَوَائِدُهَا) مِنْ دَرٍّ وَنَحْوِهِ (لِلْوَاقِفِ) لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَقْفِ.

(فَرْعٌ) الْحَيَوَانُ (الْمَوْقُوفُ لِلْإِنْزَاءِ لَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَحْرُثُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَلَا غَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْإِنْزَاءِ مِمَّا يَنْقُصُ مَنْفَعَتَهُ الْمَوْقُوفَ لَهَا نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْزَاءِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْوَاقِفِ لَهُ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالثَّوْرِ الْمَوْقُوفِ لِلْإِنْزَاءِ (وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِ) الدَّابَّةِ (الْمَوْقُوفَةِ الْمَأْكُولَةِ ذُبِحَتْ) جَوَازًا لِلضَّرُورَةِ (وَفَعَلَ الْحَاكِمُ بِلَحْمِهَا مَا رَآهُ مَصْلَحَةً) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَنْوَارِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ الثَّانِي وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهَا لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجَوَازِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (فَإِنْ مَاتَتْ فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِجِلْدِهَا) نَعَمْ إنْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهَا كَدَرِّهَا، أَوْ صُوفِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا (فَلَوْ دَبَغَهُ) هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ عَادَ وَقْفًا.

(فَصْلٌ: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ (بِالْوَقْفِ الْمُطْلَقِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ، وَإِعَارَةٍ) مِنْ نَاظِرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ نَفْيَ شَيْءٍ فَيُتَّبَعُ (نَعَمْ لِلنَّاظِرِ مَنْعُهُ مِنْ السُّكْنَى) لِلدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ (لِيُؤَجِّرَهَا لِلْعِمَارَةِ) إنْ اقْتَضَاهَا الْحَالُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى الْخَرَابِ (أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ لِيُعْطَى الْمُؤَذِّنُ) مَثَلًا (أُجْرَتَهَا فَلَا يَسْكُنُهَا، أَوْ لِيَسْكُنَهَا) فَ (لَا يُؤَجِّرُهَا) عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُعِيرُهَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ وَعَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَاعَةٌ لِلشَّيْخِ لَمْ يَسْكُنْهَا وَأَسْكَنَهَا غَيْرَهُ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِلْوَقْفِ]

قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّارَ لِلْبَيْعِ صَارَ رَاجِعًا (قَوْلُهُ: وَصَوَّرَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا مِنْ صُوَرِ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُصْرَفَ إلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ السَّنَةِ الْأُولَى وَمَا نُقِلَ عَنْ الْبَيَانِ غَلَطٌ لَيْسَ فِيهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ مِلْكُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ فِي الشَّهَادَاتِ إنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالثُّبُوتِ هُوَ الرِّيعُ وَهُوَ حَقُّ آدَمِيٍّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَقْبَرَةً) أَوْ خَانْقَاهْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لَوْ وَقَفَ ذِمِّيٌّ مَقْبَرَةً فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَهْلُ مِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَهُمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْمَنْعُ.

[فَصْلٌ الْفَوَائِدُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ]

(قَوْلُهُ: مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ) بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَادُ قَطْعُهُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ قَطْعَ الْأَغْصَانِ الَّتِي لَا يُعْتَادُ قَطْعُهَا مَعَ ثِمَارِهَا كَانَتْ لَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَمُوتُ بِقَطْعِ غُصْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الصُّوفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ أَيْ كَالشَّعْرِ، وَالْوَبَرِ وَالرِّيشِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَالثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ أَمَّا الْمُؤَبَّرَةُ فَلِلْوَاقِفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ الْمُعْتَادَ وَالنَّادِرَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْمُوصِي بِمَنْفَعَةٍ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُعْتَادَ خَاصَّةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ الْفَرْقُ قُوَّةَ الْمِلْكِ هُنَا.

[فَرْعٌ الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ لِلْإِنْزَاءِ لَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ]

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْزَاءِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَنْوَارِ) وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ؛ إذْ لَيْسَ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ تَشَهٍّ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ الْأَوَّلُ بِالتَّرْجِيحِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ بِالْوَقْفِ الْمُطْلَقِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ]

(قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>