للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَسْتَحِقُّهَا أَيْضًا فِيمَا مَرَّ إذَا عَلِمَ الْفَسَادَ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) لَهُ (قَارَضْتُكَ) بَلْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مَثَلًا (وَقَالَ اشْتَرِ) بِهَا (كَذَا وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ) الْقِرَاضُ لِتَعَرُّضِهِ لِلشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ لِلشِّرَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْبَيْعِ (وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَالرِّبْحُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ فَائِدَةُ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بَعْضَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، فَقَوْلُهُ وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ مُسَاوٍ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِقَوْلِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَامِلِ؛ إذْ الْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ بِالْمَالِ لَا بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ)

(الْأَوَّلُ) أَنْ يَتَقَيَّدَ (التَّصَرُّفُ) مِنْ الْعَامِلِ (بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَكِيلِ فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ) بَيْعًا وَلَا شِرَاءً؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكِ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا يَشْتَرِي شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ لَا يَرْجُو حُصُولَ رِبْحٍ فِيهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَقْتَضِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ) أَيْ لِقَبْضِهِ كَالْوَكِيلِ (وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ) بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً (إنْ أَذِنَ لَهُ فِي النَّسِيئَةِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِمَسْتُورٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مِنْ ثِقَةٍ مَلِيءٍ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ (وَفِي الثَّمَنِ) أَيْ وَفِي بَيْعِهِ بِالثَّمَنِ (الْحَالِّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ) لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ بِالْحَالِّ وَلِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (ضَمِنَ) كَالْوَكِيلِ (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ) فَلَا يَضْمَنَ لِلْإِذْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِذْنِ بِالنَّسِيئَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ، أَوْ يَبِيعَ سَلَمًا؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ أَكْثَرُ غَرَرًا نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا جَازَ، أَوْ فِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ.

قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْحَظِّ غَالِبًا فِي الشِّرَاءِ وَعَدَمُهُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ أَيْضًا لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ (وَيَخْتَصُّ) الْعَامِلُ (دُونَ الْوَكِيلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الِاسْتِرْبَاحُ وَالْبَيْعُ بِذَلِكَ طَرِيقٌ إلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمَنْعِ فِي الشَّرِيكِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا فِي الشَّرِيكِ، وَإِنَّمَا قَالُوا لَا يَبِيعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ: إلَّا أَنْ يَرُوجَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَلَا إشْكَالَ، وَقِيَاسُ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ جَوَازُهُ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ لَكِنْ جَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسُلَيْمٌ وَالرُّويَانِيُّ بِالْمَنْعِ كَالْوَكِيلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُفَارِقُ الْعَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يَرُوجُ ثَمَّ فَيَتَعَطَّلَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْعَرَضِ قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ وَكَالْبَيْعِ بِمَا ذُكِرَ الشِّرَاءُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ (وَ) يَجُوزُ (شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَلَوْ بِقِيمَتِهِ) مَعِيبًا (لِلْمَصْلَحَةِ) أَيْ عِنْدَهَا (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّهُ) بِالْعَيْبِ حِينَئِذٍ لِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلِإِخْلَالِهِ بِالْمَقْصُودِ (فَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْعَيْبَ (وَفُقِدَتْ الْمَصْلَحَةُ) أَيْ مَصْلَحَةُ الْإِمْسَاكِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ مَصْلَحَةِ الرَّدِّ أَيْضًا (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (رَدُّهُ) وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَاحِبُ حَقٍّ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ.

وَفُهِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدَّ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ وَتَعْبِيرُهُ كَالْمِنْهَاجِ بِالْمَصْلَحَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْغِبْطَةِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَهُ الرَّدُّ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا) أَيْ فِي الْمَصْلَحَةِ أَيْ فِي وُجُودِهَا (رُفِعَ) الْأَمْرُ (إلَى الْحَاكِمِ) لِيَعْمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الرَّدِّ وَتَرْكِهِ عَمِلَ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

اهـ وَدَعْوَى الشَّارِحِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ مَمْنُوعَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُؤَيِّدَ بِهَا مَسْأَلَةَ بَحْثِ الْغَزَالِيِّ كَإِمَامِهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْخَادِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي بَابِ الْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ فِي صُورَةِ " قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَك " وَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ جَزْمًا، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَمَلِهِ مَجَّانًا بَلْ بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ إلَخْ) ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمَا، أَوْ لَفْظٍ يَشْمَلُهُمَا كَالْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا

[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ التَّصَرُّفُ بِالْمَصْلَحَةِ) وَهُوَ شِرَاءُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ، أَوْ بَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ) وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَكَفِيلًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَفِيًّا وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْجَوَازُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ: قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ) فَإِنْ اسْتَوَى الْحَالُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ رَجَعَ إلَى الْعَامِلِ إنْ جَوَّزْنَا لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>