للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الْأَصْلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْتَهِنَ إذَا خِيفَ تَلَفُ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ، وَيَرْفَعُهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ.

(وَلِمُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ (أَنْ يَرْهَنَ لِلطِّفْلِ) ، وَنَحْوِهِ مَالَهُمَا مِنْ نَفْسِهِ (وَ) أَنْ (يَرْتَهِنَ) لَهُمَا مَالَهُ (مِنْ نَفْسِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَحَيْثُ جَازَ الرَّهْنُ، وَالِارْتِهَانُ جَازَ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ أَنْ يُعَامِلَا بِهِ أَنْفُسَهُمَا وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا ذَلِكَ

[فَصْلٌ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ]

(فَصْلٌ) (رَهْنُ الْمُكَاتَبِ، وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ) وَارْتِهَانِهِ فِيمَا مَرَّ (وَكَذَا) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (إنْ أُعْطِيَ مَالًا) لَهَا بِأَنْ أَعْطَاهُ لَهُ سَيِّدُهُ (فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِجَاهِك، وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا (فَكَالْمُطْلَقِ) أَيْ فَكَمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَهُ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا (مَا لَمْ يَرْبَحْ) فَإِنْ رَبِحَ بِأَنْ فَضَلَ فِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مَالًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ، وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ دِينَارٍ إلَى مِائَةٍ

(فِي) حُكْمِ (الْقَبْضِ) وَالطَّوَارِئِ قَبْلَهُ (لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضٍ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ) فِيمَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] فَلَوْ لَزِمَ بِدُونِ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ، وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا فَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنَ فِي الْقَبْضِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَكِيلًا فِي الرَّهْنِ فَقَطْ أَوْ وَلِيًّا فَرَشَدَ مُوَلِّيهِ أَوْ عَزَلَ هُوَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَالِكِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (وَلَا) يَسْتَنِيبُ (رَقِيقَهُ) أَيْ الرَّاهِنُ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُدَبَّرُ، وَالْمَأْذُونُ لَهُ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ مَوْلَاهُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ (إلَّا مُكَاتَبَهُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَشْرِطْ فِيهِ الْقَبْضَ فِي نَوْبَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) الرَّهْنَ (الْمَشْرُوطَ فِي بَيْعٍ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (وَيُشْتَرَطُ) فِي اللُّزُومِ إقْبَاضُ الرَّاهِنِ أَوْ (الْإِذْنُ) مِنْهُ (فِي الْقَبْضِ فَإِنْ رَهَنَ الْعَيْنَ مِنْ غَاصِبٍ لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُودَعٍ أَوْ وَكِيلٍ صَحَّ) كَالْبَيْعِ (وَاشْتَرَطَ الْإِذْنَ) لَهُ مِنْ الرَّاهِنِ (فِي الْقَبْضِ) لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ (وَ) اشْتَرَطَ فِيهِ (مُضِيَّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ وَقْتِ الْإِذْنِ لَا الْعَقْدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ) صَدَرَ الرَّهْنُ (مِنْ أَبٍ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) أَيْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُضِيُّ الْإِمْكَانِ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَقَصْدُهُ لِلْقَبْضِ كَالْإِذْنِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا وَقَعَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فَقَدْ قَالَ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ إنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهـ. وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ عَلَى مَا يُؤَدَّى بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ فَكَالْمُطْلَقِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّهْنُ لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَتَوْفِيَةِ مَا لَزِمَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ لَهُ الضِّيَاعُ لِيَقْتَرِضَ لِإِصْلَاحِهَا

[الْبَابُ الثَّانِي حُكْمِ الْقَبْضِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ) (قَوْلُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ وَفِيهَا قُمَاشٌ لِلرَّاهِنِ صَحَّ التَّسْلِيمُ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ قَبَضَ فِي الْمَبِيعِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَكْفِي التَّخْلِيَةُ هُنَا فِي دَارٍ مَشْحُونَةٍ كَالْبَيْعِ ضَعِيفٌ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ نَعَمْ لَوْ قَلَّ مَا فِيهَا كَحَصِيرٍ وَمَاعُونٍ يَسِيرٍ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ مَشْحُونَةٌ إنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَبْدَاهُ السُّبْكِيُّ بَحْثًا وَلَهُ فِي الْمَشْحُونَةِ بَحْثٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ ع (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْقَبْضِ فَكَانَ شَرْطًا فِيهِ كَوَصْفِ الرَّقَبَةِ بِالْإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَلِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقَبْضِ وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ وَلَمْ يَصِفْهُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى لُزُومِهِ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ارْتِهَانُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ إذَا ارْتَهَنَ عَلَى دَيْنِ السَّفِيهِ ثُمَّ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنُ فِي الْقَبْضِ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَّلْتُك فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ صَحَّ وَهُوَ إنَابَةٌ فِي الْمَعْنَى اهـ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ مِنْهُ لَا تَوْكِيلٌ ق.

(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ فِي الْقَبْضِ) وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي قَبْضِهِ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكِيلٍ) أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَامٍ أَوْ قَابِضٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ وَمُضِيُّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَكَانَ اللُّزُومُ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وَعَلَى الْقَبْضِ لَكِنْ سَقَطَ الْقَبْضُ إقَامَةً لِدَوَامِ الْيَدِ مَقَامَ ابْتِدَائِهَا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ حَاضِرًا اُعْتُبِرَ فِي قَبْضِهِ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إنْ كَانَ مَنْقُولًا وَإِنْ كَانَ عَقَارًا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيَتُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>