للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ اللُّزُومَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بِأَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُهَا جُزْءًا مِنْ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ فَيَتَغَيَّرُ مَعْنَاهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ جِهَتِهِ.

(فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ) لِامْرَأَةٍ (بِعْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ) بَلْ (قَبِلْت صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَقَّبَ إقْرَارَهُ بِمَا رَفَعَهُ (وَلَوْ وَاطَأَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ) أَوْ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَقَرَّ) بِشَيْءٍ (لَزِمَهُ) مَا أَقَرَّ بِهِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِذَا قَالَ لَهُ مَعِي) أَوْ عِنْدِي (أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ وَلَوْ مُنْفَصِلًا بِوَدِيعَةٍ قُبِلَ) قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِاحْتِمَالِ إرَادَةِ وُجُوبِ حِفْظِهَا وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا حَتَّى صَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ عَلَيَّ قَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عِنْدَ (فَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ) هُوَ وَدِيعَةٌ لَكِنْ (لِي عَلَيْك أَلْفٌ آخَرُ دَيْنًا، وَهُوَ الَّذِي أَرَدْت) بِإِقْرَارِك (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ) لِذَلِكَ.

(وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخَذْته مِنْهُ ثُمَّ فَسَّرَ) هـ (الْوَدِيعَةِ) قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (فَإِنْ تَلِفَ) وَلَوْ بِدَعْوَاهُ (لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا فِي سَائِرِ الْوَدَائِعِ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَمَانٍ وَلَا عَلَى دَيْنِيَّةٍ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنٌ عَلَيَّ) فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ الْوَدِيعَةِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ إذْ الْعَيْنُ لَا تُوصَفُ بِكَوْنِهَا دَيْنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ (وَدِيعَةً دَيْنًا أَوْ مُضَارَبَةً دَيْنًا لَزِمَهُ) الْأَلْفُ (مَضْمُونًا) عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ دَيْنًا عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مَضْمُونًا (فَإِنْ قَالَ) فِي تَفْسِيرِهِ (مُنْفَصِلًا أَرَدْت أَنَّهُ أَوْدَعَنِي) أَوْ قَارَضَنِي (بِشَرْطِ الضَّمَانِ) إنْ تَلِفَ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْأَمَانَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ (وَإِنْ اتَّصَلَ) ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ (قُبِلَ) إلْغَاءً لِلضَّمَانِ بِهَذَا الْقَوْلِ كَذَا فَهِمَهُ كَشَيْخِنَا الْحِجَازِيِّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ فُسِّرَ مُتَّصِلًا فَفِيهِ قَوْلَا تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ مُوَافِقًا لَهُ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ وَكَذَا إنْ اتَّصَلَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ حَيْثُ قَالُوا إنْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُقْبَلْ أَوْ مُتَّصِلًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ.

(وَإِنْ قَالَ) فِي شَيْءٍ (وَهَبْته لَهُ وَخَرَّجْت إلَيْهِ مِنْهُ) أَوْ وَمَلَكَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ) لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْهِبَةِ (إلَّا إنْ قَالَ، وَأَقْبَضْته) لَهُ (وَأَمْكَنَ) فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ قَالَ، وَهَبْته لَهُ، وَقَبَضَهُ بِغَيْرِ رِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ هُنَا كَالْإِقْرَارِ بِهِ فِي الرَّهْنِ) فَإِذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا (أَوْ) قَالَ (لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ عَارِيَّةً ضَمِنَهُ) سَوَاءٌ أَصَحَّحْنَا عِبَارَةَ الدَّرَاهِمِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ (وَمَتَى قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك عَارِيَّةٌ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ أَوْ الْإِسْكَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (أَوْ هِبَةُ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةُ سُكْنَى بِالْإِضَافَةِ) فِيهِمَا (فَهِيَ عَارِيَّةٌ) بِإِقْرَارِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْأُولَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ بِعْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ بَلْ قَبِلْت]

قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاطَأَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ لَزِمَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ مَا طَلَّقْت امْرَأَتِي، وَلَكِنْ أُقِرُّ بِطَلَاقِهَا أَوْ أُرِيدُ أَنْ أُقِرَّ بِطَلَاقِهَا قَدْ طَلَّقْت امْرَأَتِي ثَلَاثًا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْعَزِيزِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ عَلَى إنْسَانٍ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ كُنْت عَازِمًا عَلَى الْإِتْلَافِ فَقَدَّمْت الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِتْلَافِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت عَازِمًا عَلَى أَنْ أَسْتَقْرِضَ مِنْهُ فَقَدَّمْت الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِقْرَاضِ قُبِلَ؛ لِأَنَّ هَذَا مُعْتَادٌ وَذَاكَ غَيْرُ مُعْتَادٍ. اهـ. وَحُذِفَتْ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَسَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا بِظَاهِرِهِ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ، وَقَالَ فَعَلْته عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ صُورَةَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَقْرَضَ بِالْقَبْضِ وَاعْتَرَفَ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي عَدَمِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا تَحْلِيفُ خَصْمِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ قَوْلِهِ وَصُورَةُ مَا هُنَا أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْ فُلَانٍ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ قَرْضٌ، وَهُوَ فِي يَدِ مُقْرِضِهِ فَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُنَافِي قَوْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ عَلَى تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عِنْدَ) وَفُسِّرَ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: ١٤] . (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ تَلِفَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا قَالَ أَقْرَرْت بِهِ ظَانًّا بَقَاءَهُ ثُمَّ بَانَ لِي أَوْ ذَكَرْت تَلَفَهُ أَوْ أَنِّي رَدَدْته قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (فَرْعٌ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ فِيمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ صَدَقَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّنَانِيرُ بِقَوْلِهِ صَدَقَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالشَّاشِيُّ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى إقْرَارِهِ فَقَالَ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الْأَلْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ نَعَمْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَزِمَ بِهِ الْأَلْفُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ) ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ الْمِلْكَ بِالْعَقْدِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته لَهُ، وَقَبَضَهُ بِغَيْرِ رِضَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ أَقْبَضْته لَا عَنْ جِهَةِ الْهِبَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَتَى قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك عَارِيَّةٌ إلَخْ) أَوْ لَك سُكْنَاهَا فَإِقْرَارٌ بِمِلْكِ السُّكْنَى بِإِجَارَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهَا وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ لَزِمَ الْمُقَرَّ لَهُ دَفْعُهَا إنْ قَبِلَ الْإِقْرَارَ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ بِمِلْكِ السُّكْنَى أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>