للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِغَاثَةِ (ضَرَبَهُ بِسِلَاحٍ) وَيَنَالُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ شَيْئًا عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ (وَيَحْرُمُ رَمْيُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاطِّلَاعَ) بِأَنْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ وَقَعَ نَظَرُهُ اتِّفَاقًا وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ الْحَالَ (وَلَوْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ، فَلَوْ رَمَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى) هُوَ (عَدَمَ الْقَصْدِ) أَوْ عَدَمَ الِاطِّلَاعِ (لَمْ يُصَدَّقْ) فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِوُجُودِ الِاطِّلَاعِ ظَاهِرًا وَقَصْدُهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ بَلْ تَحَقَّقَ قَصْدُهُ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ ذَهَابًا لِذَلِكَ إذْ لَا يُمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَحْتَفَّ الْأَمْرُ بِقَرَائِنَ يُعْرَفُ بِهَا الرَّامِي قَصْدَ النَّاظِرِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (مَحْرَمٌ فِي الدَّارِ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ مَتَاعٌ لَمْ يَرْمِ) لِشُبْهَةِ النَّظَرِ (فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةُ السَّاكِنِ) فِي الدَّارِ (مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْعَوْرَةِ جَازَ الرَّمْيُ) إذْ لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْتُورَةً (وَلَوْ نَظَرَ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ وَاسِعَةٍ لَمْ يُرْمَ) لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ رَمْيُ الْمَالِكِ) النَّاظِرِ كَمَالِكِهَا (وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ) لَهَا (ذَلِكَ) لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ لَهَا (وَفِي الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ) صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي مِنْ السَّرِقَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا الْقَطْعُ

(فَرْعٌ لَهُ دَفْعُ مَنْ دَخَلَ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَمَا يَدْفَعُهُ عَنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَ) لَهُ (اتِّبَاعُهُ إنْ أَخَذَ مَتَاعًا) لَهُ (وَقِتَالُهُ عَلَيْهِ) إلَى أَنْ يَطْرَحَهُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) لَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي النَّظَرِ إلَى الْحُرْمَةِ بِأَنَّ رَمْيَ الْعَيْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَدَفْعِ الدَّاخِلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي تَخْلِيصِ الْيَدِ مِنْ عَاضِّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهْدَرَ ثَنِيَّةَ الْعَاضِّ بِنَزْعِ الْمَعْضُوضِ يَدَهُ مِنْ فِيهِ لَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ وُجُودِ الْإِنْذَارِ وَعَدَمِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ) فِي دَارِهِ (وَقَالَ دَفَعْتُهُ) أَيْ إنَّمَا قَتَلْتُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِي أَوْ مَالِي وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) بِأَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا وَيَكْفِي قَوْلُهَا (أَنَّهُ دَخَلَ دَارِهِ شَاهِرًا سِلَاحَهُ) وَإِنْ لَمْ تَقُلْ وَأَرَادَهُ بِالصِّيَالِ عَلَيْهِ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ (وَلَا يَكْفِي) قَوْلُهَا: إنَّهُ (دَخَلَ بِسِلَاحٍ) مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتِيلِ عَدَاوَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ رِجْلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ عُضْوٍ بِعَيْنِهِ (وَلَا يَجُوزُ رَمْيُ أُذُنِ مُسْتَرِقٍ سَمْعًا) ، فَلَوْ أَلْقَى أُذُنَهُ بِشِقِّ الْبَابِ لِيَسْمَعَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ إذْ لَيْسَ السَّمْعُ كَالْبَصَرِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ

(فَصْلٌ) (لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ) عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ (فَقَتَلَهُ) دَفْعًا (ضَمِنَ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ إذَا صَالَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ (وَفِي حِلِّ أَكْلِ) لَحْمِ الْفَحْلِ (الصَّائِلِ) الَّذِي تَلِفَ بِالدَّفْعِ (إنْ أُصِيبَ مَذْبَحُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ وَجْهُ مَنْعِ الْحِلِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ، وَالْأَكْلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّيْدِ، وَالذَّبَائِحِ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى) فَتَبِعَهُ (فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ (وَلَا شَيْءَ) لَهُ (فِي الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ الْيَدِ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ يَدَانِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا يَدٌ قُتِلَ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَ) عَبْدٌ (مَغْصُوبٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ) كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَعِيرِ (مِنْ الضَّمَانِ) إذْ لَا أَثَرَ لِقَتْلِهِ دَفْعًا

(الْبَابُ الثَّالِثُ) (فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلنَّاظِرِ) أَيْ حَالَ اطِّلَاعِهِ

(قَوْلُهُ: مَحْرَمٍ فِي الدَّارِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدَ حُصُولِهَا فِيهَا أَوْ سُكْنَاهَا مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّكَنُ لَا الْحُصُولُ حَتَّى قَالَ دَخَلَتْ أُخْتُهُ دَارًا وَأَتْبَعَهَا النَّظَرَ جَازَ رَمْيُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَحْرَمَهُ لَمْ تَسْكُنْ الدَّارَ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُهُمْ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ ات (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدُ حُصُولِهَا فِيهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ) أَيْ أَوْ أَمَةً لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْفَرْقِ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَرَى أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّطَلُّعَ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا عَنْ قَصْدٍ فَاسِدٍ بِخِلَافِ الدُّخُولِ، فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لِغَلَطٍ أَوْ طَلَبِ حَاجَةٍ أَوْ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَضُيِّقَ فِي الْأَوَّلِ وَوُسِّعَ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ دَفْعًا]

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) قَالَ فِي الْأُمُّ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ فِي صَحْرَاءَ بِسِلَاحٍ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَ الَّذِي أُرِيدَ ثُمَّ وَلَّى عَنْهُ فَأَدْرَكَهُ فَذَبَحَهُ أَقَدْته مِنْهُ وَضَمَّنْت الْمَقْتُولَ دِيَةَ يَدِ الْقَاتِلِ اهـ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ تَصْوِيرًا وَحُكْمًا وَلَفْظُ الْعُدَّةِ وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عِنْدَ الْقَصْدِ فَلَمَّا وَلَّى تَبِعَهُ وَقَتَلَهُ كَانَ لِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْصُودِ أَنْ يَرْجِعُوا فِي تَرِكَةِ الْقَاصِدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِهَلَاكِهِ اهـ فَبَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّائِلَ قَطَعَ يَدَ الْمَقْصُودِ وَوَلَّى فَتَبِعَهُ الْمَقْصُودُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ وَقَتَلَهُ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِم]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>