للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَخَلَتْ فِيهَا دُونَهُ؛ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ حُكْمِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُجْعَلَ بَدَلًا عَنْ الْكُلِّ، وَالْقِصَاصُ اسْتِيفَاءُ الْمِثْلِ حِسًّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَصَابِعَ وَحْدَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْأَصَابِعِ وَمَنَابِتِهَا مَعَ التَّفَاوُتِ الْمَحْسُوسِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ يَجْرِي فِيمَا لَوْ كَانَتْ يَدُ الْجَانِي زَائِدَةً أُصْبُعَ وَيَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُعْتَدِلَةً ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَتُقْطَعُ فَاقِدَةُ الْأَصَابِعِ بِمِثْلِهَا) لِلْمُسَاوَاةِ (وَبِكَامِلَةٍ مَعَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ (وَإِنْ قَطَعَ أَشَلُّ أُصْبُعَيْنِ) مَثَلًا (يَدًا سَلِيمَةً، وَقَنَعَ صَاحِبُهَا) بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ (اقْتَصَرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ مَعَ قَطْعِهَا دِيَةَ الشَّلَّاوَيْنِ كَمَا لَوْ عَمَّ الشَّلَلُ الْيَدَ بَلْ أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِهَا (لَقَطَ الثَّلَاثَ) السَّلِيمَةَ لِلْمُسَاوَاةِ (مَعَ حُكُومَةِ مَنَابِتِهِنَّ، وَأَخَذَ دِيَةَ أُصْبُعَيْنِ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ، وَدَخَلَ فِي دِيَةِ الْأُصْبُعَيْنِ حُكُومَةُ مَنْبَتِهَا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَطَعَ سَلِيمٌ أَشَلَّ أُصْبُعَيْنِ (فَلَهُ لَقْطُ) مِثْلِ (الثَّلَاثِ) السَّلِيمَةِ (وَحُكُومَةُ الشَّلَّاوَيْنِ مَعَ حُكُومَةِ كُلِّ الْكَفِّ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَتْبِعْ حُكُومَةُ الشَّلَّاوَيْنِ حُكُومَةَ مَنْبَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ عَدَمِ الِاسْتِتْبَاعِ لَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ قَطَعَ) شَخْصٌ كَفًّا مِنْ آخَرَ (ذَاتَ أُصْبُعٍ) فَقَطْ (خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعِ وَحُكُومَةُ مَنَابِتِ الْأَرْبَعِ) لِلْبَاقِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ حُكُومَةُ مَنْبَتِ الْأُصْبُعِ لِانْدِرَاجِهَا فِي دِيَتِهَا.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَصُرَتْ أَصَابِعُ إحْدَى يَدَيْهِ) وَكَفُّهَا (عَنْ يَدِهِ الْأُخْرَى فَلَا يُقْتَصُّ فِيهَا مِنْ تَامَّةٍ) جَنَى عَلَيْهِ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ (بَلْ فِيهَا) دِيَةٌ (تُنْقِصُ حُكُومَةً) وَعَدَمُ إيجَابِ الْقِصَاصِ فِيهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَامَّةَ الْخِلْقَةِ مُشْكِلٌ، وَإِنْ كَانَتْ أُخْتُهَا أَتَمَّ مِنْهَا، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَامَّةَ الْأَنَامِلِ وَالْبَطْشِ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ. انْتَهَى. فَكَلَامُ الْبَغَوِيّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ تُقْطَعُ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ]

(فَصْلٌ: سَبَقَ أَنَّهُ تُقْطَعُ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا) إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (فَإِذَا قَطَعَ مَنْ لَهُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ زَائِدَةٌ مِثْلَهَا مِنْ آخَرَ اقْتَصَّ بِهَا) إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (وَكَذَا) يُقْتَصُّ (بِالْكَفِّ) الزَّائِدَةِ (إنْ قَطَعَهَا) صَاحِبُهَا مِنْ آخَرَ وَاتَّحَدَ الْمَحَلُّ (فَإِنْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ) يَدُهُ (يَدَ ذِي أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ قُطِعَ بِهَا، وَ) يُؤْخَذُ (لِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةً بِعَيْنِهَا، أَوْ لَا، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ دِيَةَ الْيَدِ وَحُكُومَةَ الزَّائِدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ مَنْ لَهُ يَدٌ بِهَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ يَدَ مُعْتَدِلٍ فَلَا تُقْطَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ (بَلْ يَلْتَقِطُ الْخَمْسَ) الْأَصْلِيَّاتِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْكَفِّ) ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّائِدَةُ بِجَنْبِ أَصْلِيَّةٍ بِحَيْثُ (لَوْ قُطِعَتْ سَقَطَتْ الزَّائِدَةُ لَمْ تُقْطَعْ) الْأَصْلِيَّةُ (بَلْ يَأْخُذُ) مَعَ قَطْعِ الْأَرْبَعِ (دِيَةَ الْخَامِسَةِ، أَوْ) كَانَتْ (نَابِتَةً عَلَى أُصْبُعٍ أَخَذَ مِنْ أَنَامِلِهَا) مَعَ الْأَرْبَعِ (الْمُمْكِنَ) مِنْ الْأُصْبُعِ بِدُونِ أَخْذِ النَّابِتِ (وَأَرْشَ الْبَاقِي) فَلَوْ كَانَتْ نَابِتَةً عَلَى أُنْمُلَةٍ وُسْطَى قُطِعَتْ الْأُنْمُلَةُ الْعُلْيَا مَعَ الْأَرْبَعِ، وَأَخَذَ ثُلُثَا دِيَةِ الْأُصْبُعِ (وَإِنْ كَانَتْ السَّادِسَةُ أَصْلِيَّةً) بِأَنْ انْقَسَمَتْ الْقُوَّةُ فِي السِّتِّ عَلَى سِتَّةِ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقُوَّةِ وَالْعَمَلِ بَدَلًا عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وَأَخْبَرَ أَهْلُ الْبَصَرِ بِأَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لَقْطُ خَمْسٍ) مِنْهَا (مُتَوَالِيَةٍ) مِنْ أَيْ جِهَةٍ شَاءَ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّتُّ عَلَى تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ، وَهَيْئَتِهَا، وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا تُبَايِنُ صُورَةَ بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُشْبِهَةُ لِلْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ جَانِبِهِ، وَإِنْ، وَقَعَتْ ثَانِيَةً وَاَلَّتِي تَلِيهَا عَلَى الطَّرَفِ كَالْمُلْحَقَةِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (مَعَ) أَخْذِ (سُدُسِ دِيَةِ يَدٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً، وَلَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ يَدٍ فَيَبْقَى سُدُسُ دِيَةِ الْيَدِ (وَ) لَكِنْ (يُحَطُّ مِنْهُ شَيْءٌ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدِ الْجَانِي فَهِيَ فِي الصُّورَةِ كَالْخَمْسِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَلَهُ أَيْضًا حُكُومَةُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْكَفِّ الَّتِي تُقَابِلُ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ.

(وَلَوْ قَطَعَ) الْمَقْطُوعُ (السِّتَّ عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ بِالْقَطْعِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ لُزُومُ شَيْءٍ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَدْرُ مَا حَطَّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ فِيمَا مَرَّ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ الْوَاضِحُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُنَّ) أَيْ السِّتِّ (زَائِدَةً وَالْتَبَسَتْ) بِالْأَصْلِيَّةِ (فَلَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ فَاقِدَةُ الْأَصَابِعِ بِمِثْلِهَا) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ قَطَعَ كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَفُّهُ مِثْلَهَا كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنْ النَّصِّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ وُجُودَ الْأَصَابِعِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ الْأَصَابِعُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ حَصَلَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الْكَفِّ فَيَقْتَصُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا قَطَعَ سَلِيمُ الْيَدِ الْأُنْمُلَةَ الْوُسْطَى مِمَّنْ هُوَ فَاقِدُ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَحَكَوْا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ جَرَتْ وَالْقِصَاصُ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَالَةَ جَرَيَانِهَا، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعُلْيَا مُسْتَحَقَّةً بِالْقِصَاصِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْوُسْطَى اقْتَصَّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّةَ كَالْمَفْقُودَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ ثَانِيَةً إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْحَالَةِ الْأُولَى إذْ الْحُكْمُ بِالِاسْتِوَاءِ فِيهَا مُتَصَوَّرٌ، وَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُخْرَى فَالصُّورَةُ تَصْرِفُ الْخَارِجَ عَنْ الْمُعْتَادِ إلَى الزِّيَادَةِ، وَإِنْ فُرِضَ تَشَابُهُ أُصْبُعَيْنِ مِنْهَا انْصَرَفَتْ الزِّيَادَةُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَغَيْرُهُ هُوَ الْقِيَاسُ الْوَاضِحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>