للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَضَانَتُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ " وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ".

(وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَأَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ فَالْأَرْكَانُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الِالْتِقَاطُ وَالْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] إذْ بِإِحْيَائِهَا أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ النَّاسِ فَأَحْيَاهُمْ بِالنَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْتِقَاطُهَا بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ عَلَيْهَا الِاكْتِسَابُ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْوُجُوبِ كَالنِّكَاحِ، وَالْوَطْءِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَنْبُوذِ إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ أَخْذُهُ فَلَوْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ حَتَّى عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ عَلِمَا مَعًا، أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ أَبْدَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ احْتِمَالًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا (وَمَتَى الْتَقَطَ) الْمَنْبُوذَ (وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَفَارَقَ الْإِشْهَادَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الْمَالُ - وَالْإِشْهَادُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مُسْتَحَبٌّ -، وَمِنْ اللَّقِيطِ حِفْظُ حُرِّيَّتِهِ وَنَسَبِهِ فَوَجَبَ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَبِأَنَّ اللُّقَطَةَ يَشِيعُ أَمْرُهَا بِالتَّعْرِيفِ وَلَا تَعْرِيفَ فِي اللَّقِيطِ (وَ) وَجَبَ الْإِشْهَادُ (عَلَى مَا مَعَهُ) تَبَعًا لَهُ وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكَهُ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا مَعَهُ بِالْمُلْتَقِطِ بِنَفْسِهِ أَمَّا مَنْ سَلَّمَهُ الْحَاكِمَ لَهُ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ قَطْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ) لِلَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ (مِنْهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ) وَالْمُنْتَزِعُ مِنْهُ - وَمِمَّنْ يَأْتِي - الْحَاكِمُ.

الرُّكْنُ (الثَّانِي اللَّقِيطُ وَهُوَ كُلُّ صَبِيٍّ مَنْبُوذٍ لَا كَافِلَ لَهُ) مَعْلُومٌ (وَلَوْ مُمَيِّزًا) لِحَاجَتِهِ إلَى التَّعَهُّدِ (فَلَوْ وُجِدَ الْكَافِلُ) لَهُ وَلَوْ مُلْتَقِطًا (أَوْ فُقِدَ النَّبْذُ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْكَافِلِ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْقَاضِي) فِي الثَّانِيَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ كَافِلِهِ فَيُسَلِّمُهُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ كَمَا يَقُومُ بِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِينَ وَلَوْ قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى كَانَ أَوْفَقَ بِالضَّابِطِ وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْحِفْظِ نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُلْتَقِطُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَحُرِّيَّةٌ وَرُشْدٌ، وَإِسْلَامٌ وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ مَسْتُورَةً عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ تَثْبُتُ عَلَى الْغَيْرِ بِالِاخْتِيَارِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ (فَلَا يَصِحُّ) مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا (مِنْ عَبْدٍ) وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ تَقْرِيرِهِ) لَهُ عَلَى الْتِقَاطِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (وَيَكُونُ السَّيِّدُ) هُوَ (الْمُلْتَقِطَ) وَالْعَبْدُ نَائِبَهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ إذْ يَدُهُ كَيَدِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَمْ يُقِرَّهُ عَلَى الْتِقَاطِهِ (اُنْتُزِعَ) اللَّقِيطُ (مِنْ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّتُهُ (وَلَا) تَصِحُّ (مِنْ مُكَاتَبٍ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ (إلَّا لِسَيِّدٍ قَالَ:) - لَهُ - (الْتَقِطْهُ لِي) فَيَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ (وَفِي مُبَعَّضٍ الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ أَيْضًا فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ (وَيُنْزَعُ) اللَّقِيطُ (مِنْ سَفِيهٍ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا (وَ) مِنْ (فَاسِقٍ وَكَافِرٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِمْ لَكِنَّ مَحَلَّ الْأَخِيرَةِ فِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيهِ بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ وَسَيَأْتِي (وَكَذَا مَنْ لَمْ يُخْتَبَرْ) حَالُهُ (وَظَاهِرُهُ الْأَمَانَةُ) فَيُنْزَعُ مِنْهُ (إنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ السَّفَرَ (بِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ (وَيُرَاقَبُ فِي الْحَضَرِ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (سِرًّا) لَا جَهْرًا (لِئَلَّا يَتَأَذَّى فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَكَعَدْلٍ) فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ وَلَا يُرَاقَبُ (وَلِلْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ الْتِقَاطُ كَافِرٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ مِنْ الْمُوَالَاةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِلذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ الْتِقَاطَ الْحَرْبِيِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ اثْنَانِ فِي لَقِيطٍ (قَبْلَ أَخْذِهِ اخْتَارَ الْحَاكِمُ) جَعْلَهُ فِي يَدِ مَنْ شَاءَ (وَلَوْ غَيْرَهُمَا) إذْ لَا حَقَّ لَهُمَا قَبْلَ الْأَخْذِ (أَوْ) تَنَازَعَا فِيهِ (بَعْدَ الْأَخْذِ وَهُمَا أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ فَالسَّابِقُ) مِنْهُمَا (بِالْأَخْذِ) أَحَقُّ فَلَا أَحَقِّيَّةَ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) سَبْقًا (قُدِّمَ الْغَنِيُّ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَشْغَلُهُ طَلَبُ الْقُوتِ عَنْ الْحَضَانَةِ (لَا الْأَغْنَى) فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغَنِيِّ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَخِيلًا، وَالْآخَرُ جَوَادًا فَقِيَاسُ تَقَدُّمِ الْغَنِيِّ أَنْ يُقَدَّمَ الْجَوَادُ؛ لِأَنَّ حَظَّ الطِّفْلِ عِنْدَهُ أَكْثَرُ (وَ) قُدِّمَ (ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ) .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

(قَوْلُهُ: حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ) كَالْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ رُبَّمَا احْتَالَ لِنَفْسِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ اللَّقِيط وَأَحْكَامِ الِالْتِقَاطِ]

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ إنَّ حُكْمَ مَنْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ خَبَلٌ أَوْ وَلَهُ حُكْمُ الصَّغِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَالَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْبَصَرِ وَالشِّفَاءِ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَتَعَاهَدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا اعْتَبَرُوهُ فِي الْحَاضِنَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ) هَذَا مَا لَمْ يَرْفَعْ الْآمِرُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي كَفَالَتِهِ وَيَدْفَعُهُ الْحَاكِمُ إلَى مَنْ يَرَاهُ. اهـ. يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا الْتَقَطَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يُقِرَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّرْكِ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ بِتَصْحِيحِهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ الْتَقَطَ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ اُنْتُزِعَ وَبِإِذْنِهِ فَالْمُرَجَّحُ فِي الشَّرْحَيْنِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُنْزَعُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَاوِي وَتَعْلِيقِهِ أَنَّهُ كَلُقَطَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) بِالدَّارِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَذَّى) وَلِئَلَّا يُرَائِيَ وَيُدَلِّسَ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي دِينِهِ.

[فَصْلٌ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي لَقِيطٍ قَبْلَ أَخْذِهِ]

(قَوْلُهُ: فَالسَّابِقُ مِنْهُمَا بِالْأَخْذِ أَحَقُّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ تَقْدِيمِ الْغَنِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْجَوَادُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>