للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمُتَحَجِّرُ) لَهَا (لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا وَحَقُّ التَّمَلُّكِ لَا يُبَاعُ كَحَقِّ الشَّفِيعِ (فَإِنْ أَحْيَاهَا الْمُشْتَرِي) وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ (مَلَكَهَا) كَغَيْرِ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ عَاجِزٍ) عَنْ الْإِحْيَاءِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ.

(فَرْعٌ إقْطَاعُ الْإِمَامِ) الْمَوَاتَ لَا لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ (كَالتَّحَجُّرِ فَلَا يُقْطِعُهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ) وَيَصِيرُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِمَا أَقْطَعَهُ لَهُ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الْإِقْطَاعِ وَيَأْتِي فِيهِ سَائِرُ أَحْكَامِ التَّحَجُّرِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى هُنَا مَا أَقْطَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ بِإِحْيَائِهِ قِيَاسًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا حَمَاهُ أَمَّا إذَا أَقْطَعَهُ لِتَمْلِيكِ رَقَبَتِهِ فَيَمْلِكُهُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الرِّكَازِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِقْطَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٌ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ» وَهَلْ يَلْتَحِقُ الْمُنْدَرِسُ الضَّائِعُ بِالْمَوَاتِ فِي جَوَازِ الْإِقْطَاعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْبَحْرِ نَعَمْ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ.

[فَصْلٌ الْإِحْيَاءُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ مِنْهُ]

(فَصْلٌ الْإِحْيَاءُ يَخْتَلِفُ) بِحَسَبِ الْغَرَضِ مِنْهُ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ (فَالزَّرِيبَةُ) أَيْ فَالْإِحْيَاءُ لِزَرِيبَةِ الدَّوَابِّ، أَوْ الْحَطَبِ أَوْ غَيْرِهِمَا يَحْصُلُ (بِالتَّحْوِيطِ) بِالْبِنَاءِ بِآجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ طِينٍ أَوْ قَصَبٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ غَيْرِهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ (وَنَصْبِ الْبَابِ) فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْقِيفٍ وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ، أَوْ أَحْجَارٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ نَعَمْ لَوْ حَوَّطَ بِذَلِكَ إلَّا طَرْفًا فَبِالْبِنَاءِ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَكْفِي، وَعَنْ شَيْخِهِ الْمَنْعَ فِيمَا عَدَا مَحَلَّ الْبِنَاءِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِذَلِكَ (وَ) الْإِحْيَاءُ (لِلسُّكْنَى) يَحْصُلُ (بِذَلِكَ وَتَسْقِيفِ شَيْءٍ) مِنْ الْمُحْيَا لِيَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى وَلِيَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْكَنِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَوَاتٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ، وَتَمَلَّكَهُ كَمَا لَوْ بَنَى فِيهَا وَلَمْ يَسْكُنْ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي أَرْضٍ سُبِّلَتْ مَقْبَرَةً فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ إذْ السَّبْقُ فِيهَا بِالدَّفْنِ لَا بِالْحَفْرِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْيَاءُ.

قَالَ وَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَسْجِدِ مَا مَرَّ بِخِلَافِ مُصَلَّى الْعِيدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْقِيفُ (وَ) الْإِحْيَاءُ (لِلزِّرَاعَةِ) يَحْصُلُ (بِجَمْعِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ) كَنَصْبِ قَصَبٍ وَحَجَرٍ وَشَوْكٍ (حَوْلَهَا) أَيْ الْمَزْرَعَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الزِّرَاعَةِ لِيَتَمَيَّزَ الْمُحْيَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْوِيطِ بِالْبِنَاءِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْمَزَارِعِ بَارِزَةٌ (وَتَسْوِيَتِهَا) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي (وَحَرْثِهَا) إنْ لَمْ تُزْرَعْ إلَّا بِهِ وَتَلْيِينِ تُرَابِهَا وَلَوْ بِمَاءٍ يُسَاقُ إلَيْهَا لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ (وَتَرْتِيبِ الْمَاءِ) لَهَا بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ، أَوْ قَنَاةٍ، أَوْ بِلَا حَفْرٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ (حَيْثُ لَمْ يَكْفِهَا مَاءُ السَّمَاءِ) إذْ لَا تَتَهَيَّأُ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ بِدُونِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَاهَا (وَلَوْ لَمْ تُزْرَعْ) فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ.

وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْإِحْيَاءِ وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي إحْيَاءِ الْمَسْكَنِ أَنْ يَسْكُنَهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْتِيبُهُ) أَيْ الْمَاءِ (كَأَرْضٍ بِجَبَلٍ) لَا يُمْكِنُ سَوْقُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَلَا يُصِيبُهَا إلَّا مَاءُ السَّمَاءِ (فَفِي تَمَلُّكِهَا بِدُونِهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْإِحْيَاءِ فِيهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ فَيَحْصُلُ بِالْحَرْثِ وَجَمْعِ التُّرَابِ عَلَى الْأَطْرَافِ كَسَائِرِ الْمَزَارِعِ الَّتِي تُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَاسْتَثْنَى مَعَ ذَلِكَ أَرَاضِيَ الْبَطَائِحِ وَهِيَ بِنَاحِيَةِ الْعِرَاقِ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ لِإِحْيَائِهَا تَرْتِيبُ الْمَاءِ بَلْ يُشْتَرَطُ حَبْسُهُ عَنْهَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي إحْيَاءِ الْبُسْتَانِ (غَرْسُ الْبُسْتَانِ) لِيَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الزَّرْعِ فِي إحْيَاءِ الْمَزْرَعَةِ وَيُفَارِقُهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرْسَ يَدُومُ فَأَشْبَهَ بِنَاءَ الدَّارِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ الزَّرْعَ يَسْبِقُهُ تَقْلِيبُ الْأَرْضِ وَحَرْثُهَا فَجَازَ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ، وَالْغَرْسَ لَا يَسْبِقُهُ شَيْءٌ يَقُومُ مَقَامَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَيَكْفِي غَرْسُ بَعْضِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْوَجْهُ اشْتِرَاطُ غَرْسِ مَا يُسَمَّى بِهِ بُسْتَانًا (وَ) يُشْتَرَطُ (تَحْوِيطُهُ وَتَهْيِئَتُهُ) أَيْ تَهْيِئَةُ مَائِهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (كَالْعَادَةِ) فِيهِمَا وَنَصْبِ الْبَابِ، وَيُشْتَرَطُ (فِي) إحْيَاءِ (الْبِئْرِ خُرُوجُ الْمَاءِ وَطَيُّ) الْبِئْرِ (الرَّخْوَةِ) أَرْضُهَا بِخِلَافِ الصُّلْبَةِ (وَفِي) إحْيَاءِ بِئْرِ (الْقَنَاةِ إجْرَاءُ الْمَاءِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ خُرُوجُ الْمَاءِ وَجَرَيَانُهُ وَهِيَ أَوْضَحُ (وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا) مُمْتَدًّا (إلَى النَّهْرِ الْقَدِيمِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ لِيُجْرِيَ فِيهِ الْمَاءَ مَلَكَهُ وَلَوْ لَمْ يُجْرِهِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ السُّكْنَى فِي إحْيَاءِ الْمَسْكَنِ.

(وَلَوْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ إقْطَاعُ الْإِمَامِ الْمَوَاتَ]

قَوْلُهُ: وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ) كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ فَإِنَّ الشَّرْعَ أَطْلَقَهُ وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَالضَّابِطُ التَّهْيِئَةُ لِلْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ بِغَيْرِ بِنَاءٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُجْتَازُونَ لَا الْمُتَمَلِّكُونَ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فَلَا يَكْفِي التَّحْوِيطُ فِي طَرَفٍ وَنَصْبُ الْأَحْجَارِ أَوْ السَّعَفِ فِي طَرَفٍ وَالسَّعَفُ قُضْبَانُ النَّخْلِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا الْمِكْنَسَةُ (قَوْلُهُ: وَتَسْقِيفِ شَيْءٍ) قَدْ يَبْنِي مَوْضِعًا لِلنُّزْهَةِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَالْعَادَةُ فِيهِ عَدَمُ السَّقْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ السَّقْفُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا حَفْرٍ) أَيْ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَاهَا) وَلَا بُدَّ مِنْ حَرْثِ الْأَرْضِ أَنْ لَمْ تُزْرَعْ إلَّا بِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَرْثُهَا إلَّا بِسَوْقِ مَاءٍ إلَيْهَا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) أَيْ وَالنَّوَوِيِّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ فِي التَّعْلِيقِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: مَا يُسَمَّى بُسْتَانًا) بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ وَالشَّجَرَتَيْنِ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>