وَشَرْطُ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ) فِي الرِّبَوِيَّيْنِ (كَالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا) يَعْنِي الْعِوَضَيْنِ (أَوْ كِلَاهُمَا غَيْرَ رِبَوِيٍّ) كَذَهَبٍ وَثَوْبٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ) وَمَا اقْتَضَاهُ آخِرُ الْخَبَرِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُقَابَضَةً غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ
(فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطَ التَّقَابُضَ فَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ) تَفَرُّقُهُمَا (عَنْ تَرَاضٍ) وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا حِينَئِذٍ كَلَا تَفَرُّقٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذُهُ مِمَّا ذَكَرَ ثَمَّةَ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخْتَارِ وَالْمُكْرَهِ ثُمَّ اسْتَشْكَلُوهُ بِمَا ذَكَرَ ثَمَّةَ ثُمَّ قَالُوا فَإِنْ صَحَّ الْحُكْمَانِ فَلَعَلَّهُ لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا أَوْ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى بَابِهِ التَّعَبُّدُ أَوْ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ فَيَأْثَمَانِ بِالتَّفَرُّقِ إنْ كَانَ عَنْ تَرَاضٍ وَيَكُونُ رِبًا كَرِبَا النَّسِيئَةِ فَطَرِيقُهُمَا التَّفَاسُخُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ دَفْعًا لِلْإِثْمِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَالتَّخَايُرُ) وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ (قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ) قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ (يُبْطِلُ الْعَقْدَ الرِّبَوِيَّ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ أَخْذًا مِمَّا سَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ (فَإِنْ قَبَضَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الْبَعْضَ فَفِيهِ) أَيْ مَا قَبَضَ (قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) وَبَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ (تَنْبِيهٌ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَأَنَّهُ يُبْطِلُهُ بِالتَّفَرُّقِ بِغَيْرِ تَقَابُضٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيهِ عَدُّ كَثِيرِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ عَلَى مَشْرُوطِهِ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ شَرَطَهُ لِدَوَامِ الصِّحَّةِ
(فَرْعٌ الْحِيلَة فِي بَيْعِ) الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَبَيْعِ (ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ وَيَشْتَرِي) مِنْهُ (بِهَا) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَرَضِ (الذَّهَبَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَيَجُوزُ) وَلَوْ اتَّخَذَهُ عَادَةً (وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَ) لَمْ (يَتَخَايَرَا لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الثَّانِي إجَازَةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ خِيَارِ الْعَاقِدِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِلَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ وَهُوَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا جَنِيبًا وَهُوَ أَجْوَدُ التَّمْرِ (أَوْ) أَنْ (يُقْرِضَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (صَاحِبَهُ وَيُبْرِئَهُ أَوْ) أَنْ (يَتَوَاهَبَا أَوْ) أَنْ (يَهَبَ الْفَاضِلَ) مَالِكُهُ (لِصَاحِبِهِ) بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْهُ مَا عَدَاهُ بِمَا يُسَاوِيهِ (وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِيَلِ (جَائِزٌ) إذَا لَمْ يَشْرِطْ فِي بَيْعِهِ وَإِقْرَاضِهِ وَهِبَتِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْآخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَرِهَ قَصْدَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هَذِهِ الطُّرُقُ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً عِنْدَنَا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إذَا نَوَيَا ذَلِكَ انْتَهَى وَوُجِّهَ بِأَنَّ كُلَّ شَرْطٍ أَفْسَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ الْعَقْدَ إذَا نَوَاهُ كُرِهَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَوْ بِقَصْدِ ذَلِكَ كُرِهَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَصْدِ وَالْعَقْدِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ثُمَّ هَذِهِ الطُّرُقُ لَيْسَتْ حِيَلًا فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ حِيَلٌ فِي تَمْلِيكِهِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ فَفِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ تَسَمُّحٌ
[فَرْعٌ اشْتَرَى نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ]
(فَرْعٌ وَإِنْ اشْتَرَى) مِنْ غَيْرِهِ (نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ) قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ وَيُسَلِّمُهُ) الْبَائِعُ (إلَيْهِ لِيَقْبِضَهُ) أَيْ النِّصْفَ (وَيَكُونُ النِّصْفُ الثَّانِي أَمَانَةً) فِي يَدِهِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ) فَإِنَّهُ (يَضْمَنُ الزَّائِدَ) لِلْمُعْطِي (لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَقْرَضَهُ) الْبَائِعُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ (تِلْكَ الْخَمْسَةَ) بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ (فَاشْتَرَى بِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الدِّينَارِ (جَازَ) كَغَيْرِهَا (وَإِنْ اشْتَرَى الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ (بِعَشَرَةٍ وَسَلَّمَ الْخَمْسَةَ) أَيْ وَسَلَّمَهُ مِنْهُمَا خَمْسَةً (ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا) مِنْهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ (بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ لَكِنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَهُمَا جِنْسٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُمَا جِنْسَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الضَّابِطُ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ مَا قِيلَ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِاللُّحُومِ وَالْأَلْبَانِ
[فَرْعٌ اشْتَرَطَ التَّقَابُضَ فَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا التَّقَابُضَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا وَحَيْثُ شَرَطْنَا التَّقَابُضَ فَمَعْنَاهُ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا إلَخْ) جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّفَرُّقِ بِالْإِكْرَاهِ قَبْلَ الْقَبْضِ هُنَا (قَوْلُهُ وَالتَّخَايُرُ قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَبْطُلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَدًا بِيَدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْخِيَارِ لَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَازَةُ فَيَبْقَى الْخِيَارُ وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا إذْ الْإِجَازَةُ تَفَرُّقٌ حُكْمًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ التَّقَابُضُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ التَّفَرُّقَ قَبْلَ التَّخَايُرِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ إنَّ إجَازَةَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُبْطِلَةٌ كَالتَّفَرُّقِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُبْطِلُهُ) هَذَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ تَقَابَضَا فِي الرِّبَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالٌ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ صَدَقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ اهـ وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ
[فَرْعٌ الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ وَزَنَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَأَخْطَأَ بِزِيَادَةِ عَشَرَةٍ كَانَتْ الْعَشَرَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْآخِذِ وَكَذَا لَوْ اقْتَرَضَ