للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ وَالْحِلُّ تَابِعٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ (وَإِنْ ظَاهَرَ فِي الْكُفْرِ فَأَسْلَمَا مَعًا أَوْ) أَسْلَمَ (هُوَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ فَهُوَ عَائِدٌ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ) وَتَخَلَّفَ هُوَ (أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَهِيَ وَثَنِيَّةٌ) أَوْ نَحْوَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَجْتَمِعَا) إسْلَامًا (فِي الْعِدَّةِ فَلَا) يَكُونُ عَائِدُ الِارْتِفَاعِ النِّكَاحَ (إنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ) مُرَتَّبًا (وَتَأَخَّرَ إسْلَامُهُ) عَنْ إسْلَامِهَا (فَالْإِمْسَاكُ) لَهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ (عَوْدٌ أَوْ) تَأَخَّرَ (إسْلَامُهَا) عَنْ إسْلَامِهِ (وَعُلِمَ بِهِ) أَيْ بِإِسْلَامِهَا (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَإِمْسَاكُهَا بَعْدَهُ عَوْدٌ (وَلَيْسَ مُجَرَّدُ الْإِسْلَامِ) مِنْ أَحَدِهِمَا (عَوْدًا) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ.

[فَصْلٌ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ]

(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ الظِّهَارَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ عَائِدًا بِالْإِمْسَاكِ قَبْلَ عِلْمِهِ) بِالْفِعْلِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (أَوْ) عَلَّقَ (بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ ذَاكِرًا) لِلتَّعْلِيقِ (ثُمَّ نَسِيَ) الظِّهَارَ عَقِبَ ذَلِكَ (فَأَمْسَكَهَا نَاسِيًا) لَهُ (صَارَ عَائِدًا) إذْ نِسْيَانُهُ الظِّهَارَ عَقِبَ فِعْلِهِ عَالِمًا بِهِ بَعِيدٌ نَادِرٌ وَقِيلَ يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ أَحْسَنُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ مَا اسْتَحْسَنَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ انْعِقَادُ الظِّهَارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ بِفِعْلِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَّلَهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ لَكِنَّ قِيَاسَ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ.

(فَصْلٌ إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (أَوْ أَبَانَهَا) أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا) بَعْدَ إبَانَتِهَا (بَقِيَ التَّحْرِيمُ) لِلْوَطْءِ (مَا لَمْ يُكَفِّرْ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) بَعْدَ إبَانَتِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ.

[فَصْلٌ تَوْقِيتُ الظِّهَارِ]

(فَصْلٌ يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ) أَيْ الظِّهَارِ كَالطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ مُؤَبَّدًا وَالظِّهَارُ يَقَعُ مُؤَقَّتًا مِمَّا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ «سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى انْسَلَخَ رَمَضَانُ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ بِالتَّكْفِيرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (فَإِذَا قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْهَا ظِهَارًا مُؤَقَّتًا عَمَلًا بِلَفْظِهِ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْيَمِينِ عَلَى شَبَهِ الطَّلَاقِ (وَيَصِيرُ مُولِيًا) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ لِلْإِيلَاءِ وَكَفَّارَةٌ لِلظِّهَارِ لِلْعَوْدِ فَإِنَّهُ فِي الْمَوْقِتِ بِالْوَطْءِ مِمَّا سَيَأْتِي جَزَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْ الْبَارِزِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَقَطْ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذْ لَا يَمِينَ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَمِينِ كَمَا فِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ سَنَةً وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُ كَفَّارَةِ الْإِيلَاءِ عَلَى الْوَطْءِ (وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ) الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ لِمَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا لِلْوَطْءِ فِيهَا فَلَا يَقَعُ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ (وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ) لِأَنَّ الْعَوْدَ الْمُوجَبَ لِلْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ (بَلْ يَجِبُ النَّزْعُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ) كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ (ثُمَّ) بَعْدَ النَّزْعِ (يَحْرُمُ) الْوَطْءُ (حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ، ثُمَّ) إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُكَفِّرْ (يَحِلُّ) الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ (وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطَأْ فَلَا كَفَّارَةَ) لِذَلِكَ فَالظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ يُخَالِفُ الْمُطْلَقَ فِي أَنَّ الْعَوْدَ فِيهِ بِالْوَطْءِ وَفِي أَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ مُبَاحٌ وَفِي أَنَّ التَّحْرِيمَ بَعْدَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ يَمْتَدُّ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ

(فَرْعٌ لَوْ وَقَّتَ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا) كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ أَطْلَقَ (صَحَّ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ)

[فَصْلٌ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ]

(فَصْلٌ) لَوْ (ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) كَقَوْلِهِ لَهُنَّ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ) بِعَدَدِ مَنْ حَصَلَ فِيهِ الْعُودُ فَالظِّهَارُ مُتَعَدِّدٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ لَا تَجِبُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ ثَمَّ بِالْحِنْثِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَكْلِيمِ الْجَمِيعِ وَهُنَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْعَوْدِ وَالْعَوْدُ يَحْصُلُ بِإِمْسَاكِ وَاحِدَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكِ الْجَمِيعِ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَظِهَارُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (عَوْدٌ فِيمَنْ قَبْلَهَا) فَيَصِيرُ بِظِهَارِ الثَّانِيَةِ عَائِدًا فِي الْأُولَى وَبِظِهَارِ الثَّالِثَةِ عَائِدًا فِي الثَّانِيَةِ وَبِظِهَارِ الرَّابِعَةِ عَائِدًا فِي الثَّالِثَةِ (وَعَوْدُ الرَّابِعَةِ الْإِمْسَاكُ) لَهَا فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ]

قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ ذَاكِرًا، ثُمَّ نَسِيَ) فَأَمْسَكَهَا نَاسِيًا مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ قِيَاسَ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُعْطَى حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ) هُوَ كَذَلِكَ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إذَا لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ.

[فَصْلٌ إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا]

(قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ حَلِفٌ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا خَلَا عَنْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَحْرُمُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ) لَوْ قَيَّدَ الظِّهَارَ بِمَكَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالزَّمَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا فِي ذَلِكَ الظِّهَارِ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَمَتَى وَطِئَهَا فِيهِ حُرِّمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا حَتَّى يُكَفِّرَ. اهـ. مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إلَّا قَوْلَهُ وَمَتَى وَطِئَهَا فِيهِ حُرِّمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنَّهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوَقِّتِ بِالزَّمَانِ، وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَحْرُمْ فَكَذَا فِي الْمَكَانِ لَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>