للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) جُنُونُهُ (وَأَبَاتهُ الْوَلِيُّ فِي الْجُنُونِ مَعَ وَاحِدَةٍ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى قَضَى مَا جَرَى فِي الْجُنُونِ) لِنَقْصِهِ (الطَّرَفَ الثَّانِيَ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ) لِلْقَسْمِ (وَعَلَيْهِ أَفْرَادُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (بِمَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا وَلَوْ بِحُجُرَاتٍ تَمَيَّزَتْ مَرَافِقُهُنَّ) كَمُسْتَرَاحٍ وَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمُرَقًّى إلَيْهِ (مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَلَوْ لَيْلَةً وَاحِدَةً إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ.

وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَهُ جَمْعُ إمَائِهِ بِمَسْكَنٍ وَخَرَجَ بِتَمَيُّزِ مَرَافِقِهِنَّ مَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فَكَالْمَسْكَنِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَإِنَّ أَفْرَادَ كُلٍّ بِخَيْمَةٍ وَمَرَافِقَ مِمَّا يَشُقُّ وَيَعْظُمُ ضَرَرُهُ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُنَّ لَا يَتَأَبَّدُ فَيُحْتَمَلُ (وَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ مَسْكَنَانِ فَإِنْ رَضِينَ بِمَسْكَنٍ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ.

(فَصْلٌ عِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ) لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ (وَالنَّهَارُ تَابِعٌ) لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧] وَقَالَ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١] (تَقَدَّمَ) النَّهَارُ (أَوْ تَأَخَّرَ) أَيْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ قَبْلَ اللَّيْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ اللَّيَالِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ لَيْلًا اعْتِبَارُ الْعُرْفِ لَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا.

(وَنَحْوُ الْأَتُّونِيِّ) كَالْحَارِسِ لَيْلًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ نِسْبَةٌ إلَى الْأَتُّونِ وَهُوَ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ النَّارُ (نَهَارُهُ لَيْلُهُ) فَهُوَ عِمَادُ قَسْمِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلُ تَابِعٌ لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ (وَ) عِمَادُ الْقَسْمِ (لِلْمُسَافِرِ وَقْتُ النُّزُولِ وَلَوْ نَهَارًا) قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْخَلْوَةُ إلَّا حَالَةَ السَّيْرِ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَحَالَةُ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةٍ مَثَلًا كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ دُونَ حَالَةِ النُّزُولِ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ (وَالدُّخُولُ) لِمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ (عَلَى امْرَأَةٍ فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا حَرَامٌ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَعِيَادَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ ذَاتِ النَّوْبَةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا وَكَحَرِيقٍ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَالِ لِعُذْرِهِ (وَيَقْضِي) لِذَاتِ النَّوْبَةِ بِقَدْرِ مَا مَكَثَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِي بِالدُّخُولِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا قَضَاءَ (كَالْمُتَعَدِّي) بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَقْضِي إنْ طَالَ الزَّمَنُ.

(وَلَوْ جَامَعَ) مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا (عَصَى) بِتَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ فِي صُوَرِ التَّعَدِّي وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ قَالَ الْإِمَامُ وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ الْجِمَاعُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (وَقَضَى الْمُدَّةَ) دُونَ الْجِمَاعِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّشَاطِ كَمَا مَرَّ (لَا إنْ قَصُرَتْ) فَلَا يَقْضِيهَا وَيُعْرَفُ طُولُ الزَّمَنِ وَقِصَرُهُ بِالْعُرْفِ

(فَرْعٌ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِقَامَةِ) فِي الْبَيْتِ (نَهَارًا) لِأَنَّهُ زَمَنُ الِانْتِشَارِ فَقَدْ يَقِلُّ فِي يَوْمٍ وَيَكْثُرُ فِي آخَرَ وَالضَّبْطُ فِيهِ عُسْرٌ بِخِلَافِ اللَّيْلِ (لَكِنْ لَا يَدْخُلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ دُخُولُهُ (عَلَى الْأُخْرَى فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ وَوَضْعِ مَتَاعٍ) وَأَخْذِهِ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

طَوَافِهِ بِهِ إذَا أَمِنَ ضَرَرَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا حَسَنٌ) ظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ كَمَا فَهِمَهَا مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ الْجُنُونِ أَوْ لَمْ يَمِلْ إلَى النِّسَاءِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَكْسِهِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (الطَّرَفُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ) إذَا جَمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُنَّ كُرِهَ لَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَسُوءُ عِشْرَةٍ وَلَوْ طَلَبَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْإِجَابَةُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى فَلَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِيهَا كَمَا لَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِي كِسْوَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَنَاوَبَانِهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا لَا يَعْدُوهَا.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَرْضَ يَصِيرُ الْمَسْكَنُ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ فَقَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ اهـ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ السَّفَرَ لَيْسَ مَحَلَّ السُّكْنَى فَهُوَ مُرَادُهُمْ وَإِنْ أَطْلَقُوا ش

[فَصْلٌ عِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ]

(قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ) لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تُمْكِنُ وَقْتَ السَّيْرِ (قَوْلُهُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا) أَوْ خَانٍ أَوْ صَحْرَاءَ (قَوْلُهُ كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ إلَخْ) وَهَذَا وَاضِحٌ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي سَفِينَةٍ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فَالْكَبِيرَةُ كَالدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ وَالصَّغِيرَةُ كَالْبَيْتِ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِالدُّخُولِ) أَيْ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا قَضَاءَ) لَوْ كَانَ مَنْزِلُهَا بَعِيدًا يَمْضِي فِي ذَهَابِهِ إلَيْهِ وَعَوْدِهِ مِنْهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ عِنْدَهَا بَلْ وَلَا مُكْثَ أَصْلًا وَقَوْلُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ قَضَاءِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ مِنْ لَيْلَتِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَرَفَهُ إلَى ضَرَّةٍ أُخْرَى بَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهَا لَكِنَّهُ لَا يَقْضِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ

[فَرْعٌ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْج أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِقَامَةِ فِي الْبَيْتِ نَهَارًا]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ إلَخْ) فَإِنْ طَوَّلَهُ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ أَيْ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ جُمْهُورِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>