للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فِي إرَادَتِهَا لِذَلِكَ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ سَرَقْت فَيَقُولُ سَرَقْت مَعَك وَيُرِيدُ نَفْيَ السَّرِقَةِ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ (وَلَا شَيْءَ) أَيْ حَدَّ (عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْقَذْفُ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ حَدَّ الْقَذْفِ (وَقَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ) أَيْ زَنَيْت بِك (مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ) جَوَابًا لِرَجُلٍ قَالَ لَهَا زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ (إقْرَارٌ) بِزِنَاهَا (وَقَذْفٌ) لَهُ (وَالْقِيَاسُ) أَيْ قِيَاسُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَصْدِيقِهَا فِي إرَادَتِهَا نَفْيُ الزِّنَا عَنْهُمَا مَعًا (أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ) هُنَا فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا زَنَيْت أَوْ يَا زَانٍ فَقَالَ زَنَيْت بِك فَفِي جَوَابِهِ مِثْلُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ قَذْفٌ لَهَا سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَمْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً أَمْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحَلَّ وِفَاقٍ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْإِطْلَاقِ بِهِ

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَالْجَوَابُ) مِنْهَا (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَا أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُك فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَإِنْ اقْتَضَى الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَصْلِ وَإِثْبَاتَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ قَوْلَهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي خَارِجٌ مَخْرَجَ الذَّمِّ وَالْمُشَاتَمَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ اللِّسَانِ كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَلِأَنَّ مُعْتَادَ الْمُحَاوَرَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَضْعِ (فَإِنْ قَالَتْ) جَوَابًا أَوْ ابْتِدَاءً (أَنَا زَانِيَةٌ وَأَنْت أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً أَنْت أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ فَكِنَايَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ثَبَتَ زِنَاهُ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَعَلِمَتْ ثُبُوتُهُ) فَيَكُونُ صَرِيحًا فَتَكُونُ قَاذِفَةً لَهُمَا فَتُحَدُّ لِلْمُخَاطَبِ وَتُعَزَّرُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَهْتُوكُ الْعِرْضِ بِثُبُوتِ زِنَاهُ (لَا إنْ جَهِلَتْ) ثُبُوتَهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي جَهْلِهَا فَإِذَا حَلَفَتْ عُزِّرَتْ وَلَمْ تُحَدَّ وَلَوْ قَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي كَهَذِهِ الصُّورَةِ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا الْأَصْلُ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ (وَلَوْ قَالَتْ هُوَ زَانٍ وَأَنْت أَزْنَى مِنْهُ أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْت أَزْنَى مِنْهُمْ) أَوْ أَنْت أَزْنَى زُنَاةِ النَّاسِ (فَصَرِيحٌ) لِظُهُورِهِ فِي الْقَذْفِ (لَا إنْ قَالَتْ النَّاسُ زُنَاةٌ أَوْ أَهْلُ مِصْرَ) مَثَلًا (زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ) أَوْ قَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ أَزْنَى مِنْهُمْ فَلَيْسَ قَذْفًا (لِتَحَقُّقِ كَذِبِهَا) بِنِسْبَتِهَا النَّاسَ كُلَّهُمْ أَوْ نَحْوَهُ أَهْلُ مِصْرَ إلَى الزِّنَا وَإِنَّهُ أَكْثَرُ زِنًا مِنْهُمْ (إلَّا إنْ نَوَتْ) أَنَّهُ أَزْنَى مِنْ (مَنْ زَنَى مِنْهُمْ) فَيَكُونُ قَذْفًا.

(فَرْعٌ) وَلَوْ (تَقَاذَفَا فَلَا تَقَاصُصَ) الْفَصِيحُ فَلَا تَقَاصَّ كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ وَالصِّفَةُ وَمَوَاقِعُ السِّيَاطِ وَأَلَمُ الضَّرَبَاتِ مُتَفَاوِتَةٌ (فَيُحَدَّانِ بِالطَّلَبِ)

[فَرْعٌ قَوْلُهُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ]

(فَرْعٌ قَوْلُهُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزِ (كِنَايَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اللُّغَةَ؛ لِأَنَّ الزِّنَا فِي الْجَبَلِ هُوَ الصُّعُودُ فِيهِ (وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَنَأْت) أَوْ قَالَ يَا زَانِئُ (مَهْمُوزًا) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ (فَلَوْ قَالَ) زَنَأْت (فِي الْبَيْتِ) بِالْهَمْزِ (فَصَرِيحٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ) يُصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا (فَوَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَ) قَوْلُهُ (زَنَيْت فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (صَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْبَيْتِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الصُّعُودَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ (وَ) قَوْلُهُ (يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (كِنَايَةٌ) .

(فَصْلٌ الْقَذْفُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْقُبُلِ أَوْ لِلدُّبُرِ أَوْ) إلَى (فَرْجَيْ الْخُنْثَى) الْمُشْكِلِ (صَرِيحٌ) لِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى مَحَلِّهِ وَآلَتِهِ (وَكَذَا بِإِضَافَتِهِ إلَى الْبَدَنِ) كَزِنَا بَدَنِك؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى جُمْلَتِهِ فَكَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت (وَهُوَ) أَيْ الْقَذْفُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا (إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْعَيْنِ وَالْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْيَدِ اللَّمْسُ وَإِلَى الرِّجْلِ الْمَشْيُ وَإِلَى الْعَيْنِ النَّظَرُ وَقِسْ عَلَيْهَا الْبَقِيَّةَ وَأَحَدُ فَرْجَيْ الْخُنْثَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا فَلَا يَنْصَرِفُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيِّ إلَّا بِالنِّيَّةِ (وَ) قَوْلُهُ (زَنَيْت فِي قُبُلِك صَرِيحٌ فِي الْمَرْأَةِ) دُونَ الرَّجُلِ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ أَيْضًا (لَا) قَوْلُهُ (وَطِئَك فِيهِ رَجُلَانِ مَعًا) فَلَيْسَ بِقَذْفٍ (لِاسْتِحَالَتِهِ) فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ (فَيُعَزَّرُ) لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ فِيهِ أَوْ فِي الدُّبُرِ كَانَ أَوْلَى، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيُحَدُّ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ بِوَطْءٍ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ يَا وَلَدَ الزِّنَا أَوْ لِغَيْرِهِ فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ فَيُعَزَّرُ لِلْوَلَدِ وَيُحَدُّ لِأُمِّهِ بِشَرْطِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَذَكَرَهُ فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْته فِي فَتَاوَى الْقَفَّال.

[فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي]

(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ أَوْ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ أَوْ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ فَقَذْفٌ فِي الْأَصَحِّ وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ وَلَوْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ أَوْ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ فَقَذْفٌ (قَوْلُهُ وَيَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَرَنَ قَوْلَهُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الصُّعُودِ بِالِاسْمِ الْمُنَادَى الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ س (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيُحَدُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>