للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ اعْتِبَارُهَا فِيمَا يَأْتِي فِي الْإِثَاثِ وَالْكُتُبِ إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ النَّوَوِيُّ إلَّا عَنْ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا (وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى كَسْبٍ لَا يَلِيقُ) بِهِ كَكَوْنِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ (وَ) لَا (مِلْكُ أَثَاثٍ يَحْتَاجُهُ فِي سَنَتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ سَنَةٍ (وَ) لَا مِلْكُ (ثِيَابِ شِتَاءٍ) يَحْتَاجُهَا (فِي صَيْفٍ) وَلَا عَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا) مِلْكُ (كُتُبٍ وَهُوَ فَقِيهٌ يَحْتَاجُهَا لِلتَّكَسُّبِ) كَالْمُؤَدِّبِ وَالْمُدَرِّسِ بِأُجْرَةٍ أَوْ لِلْقِيَامِ بِفَرْضٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ وَإِنْ كَانَ احْتِيَاجُهُ لَهَا (فِي السَّنَةِ مَرَّةً) بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُهُ فِي السَّنَةِ عَلَى مَا مَرَّ (فَتَبْقَى) لَهُ (النُّسْخَةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ) النُّسَخِ (الْمُتَكَرِّرَةِ) عِنْدَهُ فَلَا يَبْقَيَانِ مَعًا لِاغْتِنَائِهِ بِالصَّحِيحَةِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَصَحَّ وَالْأُخْرَى أَحْسَنَ يَبْقَى الْأَصَحُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَ) لَهُ كِتَابَانِ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ وَكَانَ (أَحَدُهُمَا أَبْسُطَ) أَيْ مَبْسُوطًا وَالْآخَرُ وَجِيزًا (بَاعَ الْوَجِيزَ) وَبَقِيَ الْمَبْسُوطُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُدَرِّسٍ بِأَنْ كَانَ قَصْدُهُ الِاسْتِفَادَةَ (وَالْمُدَرِّسُ يُبْقِهِمَا) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّدْرِيسِ (أَوْ) مِلْكَ كُتُبٍ وَهُوَ (كَطَبِيبٍ يَكْتَسِبُ بِهَا أَوْ لِعِلَاجِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) لَفْظَةُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا الْكَافُ لِيَدْخُلَ الْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ وَنَحْوُهُمَا وَعِلَاجِ مَعْطُوفٌ عَلَى يَكْتَسِبُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ يُعَالِجُ بِهَا نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (وَالْمُعَالِجُ مَعْدُومٌ) مِنْ الْبَلَدِ (أَوْ) مِلْكُ كُتُبِ وَعْظٍ وَهُوَ (يَتَّعِظُ بِهَا) وَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَاعِظٌ إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَنْتَفِعُ بِالْوَاعِظِ كَانْتِفَاعِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَى حَسْبِ إرَادَتِهِ (لَا) مِلْكُ (مَا) أَيْ كِتَابٍ (يَتَفَرَّجُ فِيهِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِتَابَ يُطْلَبُ لِلتَّعْلِيمِ وَلِلِاسْتِفَادَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْمَسْكَنَةَ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُطْلَبُ لِلتَّفَرُّجِ فِيهِ بِالْمُطَالَعَةِ (كَكُتُبِ التَّوَارِيخِ وَالشِّعْرِ) فَيُمْنَعُ (وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ) مَثَلًا (قَلِيلٌ) أَيْ يَنْقُصُ (دَخْلُهُ) عَنْ كِفَايَتِهِ (فَهُوَ إمَّا فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ) فَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ تَمَامَهَا وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعُهُ

الصِّنْفُ (الثَّالِثُ الْعَامِلُ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (وَبَعَثَهُ) لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَاجِبٌ) عَلَى الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (وَيَدْخُلُ فِي اسْمِهِ السَّاعِي) وَهُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَالْكَاتِبُ) وَهُوَ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُؤْخَذُ وَيُدْفَعُ (وَالْقَاسِمُ وَالْحَاشِرُ) وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ (وَالْعَرِيفُ) وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ أَرْبَابَ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ كَالنَّقِيبِ لِلْقَبِيلَةِ (وَالْحَاسِبُ وَالْحَافِظُ) لِلْأَمْوَالِ وَالْجُنْدِيُّ وَالْجَابِي (لَا الْإِمَامُ وَالْوَالِي وَالْقَاضِي) فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ بَلْ رِزْقُهُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ إنْ لَمْ يَتَطَوَّعُوا بِالْعَمَلِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَامٌّ وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ شَرِبَ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ فَأَدْخَلَ أُصْبُعَهُ وَاسْتَقَاءَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَيُزَادُ فِيهِمْ) أَيْ الْعُمَّالِ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكَيَّالُ وَالْوَزَّانُ وَالْعَدَّادُ عُمَّالٌ إنْ مَيَّزُوا بَيْنَ) أَنْصِبَاءِ (الْأَصْنَافِ) فَأُجْرَتُهُمْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ وَلَوْ أَلْزَمْنَاهَا الْمَالِكَ لَزِدْنَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ (لَا الْمُمَيِّزُونَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِ وَجَامِعُوهُ) أَيْ الْمَالِ (فَإِنَّ أُجْرَتَهُمْ عَلَى الْمَالِكِ) لَا مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّهَا لِتَوْفِيَةِ الْوَاجِبِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَ) أُجْرَةُ (الرَّاعِي وَالْحَافِظِ) بَعْدَ قَبْضِهَا (وَالْمَخْزَنُ) بِفَتْحِ الزَّاي (وَالنَّاقِلُ عَلَى) بِمَعْنَى فِي جُمْلَةِ (السُّهْمَانِ) لَا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ

(الرَّابِعُ الْمُؤَلَّفَةُ فَإِذَا كَانُوا كُفَّارًا) يُتَأَلَّفُونَ لِخَوْفِ شَرِّهِمْ أَوْ لِتَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ لِمَيْلِهِمْ إلَيْهِ (لَمْ يُعْطُوا) مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاذٍ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتَرُدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَالْحَافِظُ وَنَحْوُهُمْ كُفَّارًا مُسْتَأْجَرِينَ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ لَا زَكَاةٌ وَذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ زَكَاةً أَوْ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (وَإِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ أُعْطُوا مِنْهَا وَهُمْ إمَّا ضَعِيفُ النِّيَّةِ) فِي الْإِسْلَامِ (فَيُعْطَى لِيَقْوَى إسْلَامُهُ أَوْ شَرِيفٌ) فِي قَوْمِهِ (يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ نَظَائِرِهِ أَوْ كَافٍ) لَنَا (شَرَّ جِيرَانِهِ) أَيْ مَنْ يَلِيهِ (مِنْ الْكَفَّارَةِ وَمَانِعِي) أَيْ أَوْ مِنْ مَانِعِي (الزَّكَاةِ) فَيُعْطَى (حَيْثُ إعْطَاؤُهُمْ) الْأَوْلَى إعْطَاؤُهُ (أَهْوَنُ) عَلَيْنَا (مِنْ جَيْشٍ يُبْعَثُ) لِبُعْدِ الْمَشَقَّةِ أَوْ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَمُؤَلَّفَة الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْإِعْطَاءِ أَهْوَنَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي إعْطَائِهِمْ احْتِيَاجُنَا إلَيْهِمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ

(الْخَامِسُ الرِّقَابُ) فَيُعْطَوْنَ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] كَقَوْلِهِ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] وَهُنَاكَ يُعْطَى الْمَالُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الثَّالِث الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا]

قَوْلُهُ لَا الْإِمَامُ وَالْوَالِي وَالْقَاضِي) أَيْ إذَا قَامُوا بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ لِلْقَاضِي قَبْضَهَا وَصَرْفَهَا وَذَلِكَ فِي مَالِ أَيْتَامٍ تَحْتَ نَظَرِهِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ لَهَا نَاظِرًا (قَوْلُهُ لَا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ) قَالَ شَيْخُنَا ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ قُرْبٍ أَنَّ الْحَافِظَ مِنْ أَقْسَامِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكْتَفِي بِالْعَامِلِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ وَتَارَةً يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ كَأَنْ يَذْهَبَ وَيَتْرُكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهُ فِي غَيْبَتِهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّهْمَانِ كَاتِبُهُ

[الرَّابِع الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ]

(قَوْلُهُ فَإِذَا كَانُوا كُفَّارًا لَمْ يُعْطَوْا) إذْ شَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ الْإِسْلَامُ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ الشَّرْطُ إسْلَامُهُ وَقْتَ الدَّفْعِ لَا إسْلَامُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» فَلَمَّا لَمْ تُؤْخَذْ إلَّا مِنْ غَنِيٍّ مُسْلِمٍ لَمْ تُعْطَ إلَّا لِفَقِيرٍ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَيُعْطَى لِيَقْوَى إسْلَامُهُ) إذْ لَوْ لَمْ يُعْطَ رُبَّمَا ارْتَدَّ لِضَعْفِ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِيفٌ) يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ نُظَرَائِهِ وَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغِنَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَرْطُ إعْطَائِهِمْ الْحَاجَةَ إلَيْهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ لَا يُعْطَوْنَ إلَّا أَنْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَيَقْتَضِيهِ اجْتِهَادُ الْإِمَامِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ إلَّا الْإِمَامُ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ) وَمَانِعِي الزَّكَاةِ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْبُغَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>