بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ (فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ) مَثَلًا (فَيُجْعَلُ قَابِضًا لِبَعْضِ الْمَبِيعِ) أَيْ لِمَا قَطَعَهُ (حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَبِهَذَا فَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا إذْ لَا يُتَخَيَّلُ إنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ (فَإِنْ تَلِفَ) الْعَبْدُ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) أَوْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ (وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي الْيَدَ بِأَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ وَلَا بِمَا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ بَلْ) يَضْمَنُهَا (بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ) كَمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا ثُمَّ مَقْطُوعًا) وَيَعْرِفُ التَّفَاوُتَ (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ) فَلَوْ قُوِّمَ صَحِيحًا بِثَلَاثِينَ وَمَقْطُوعًا بَخَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَوْ قُوِّمَ مَقْطُوعًا بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ ثُمَّ بِالْوَاوِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَيَغْرَمُ) الْأَجْنَبِيُّ (لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ (وَقَبَضَ) الْمَبِيعَ (أَوْ لِلْبَائِعِ إنْ فَسَخَ) الْمُشْتَرِي (الْعَقْدَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ) فِيهِمَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ نَعَمْ إنْ غَصَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ لَزِمَهُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ النِّصْفِ وَالنَّقْصِ فَلَوْ نَقَصَ بِقَطْعِهَا ثُلُثَا الْقِيمَةِ لَزِمَهُ ثُلُثَاهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَ مَا لَوْ أَجَازَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِجَوَازِ مَوْتِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ لِتَحَقُّقِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ مُتَوَهَّمٍ قَالَ ثُمَّ مُقْتَضَاهُ إنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْآنَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ وَيُلْزِمُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ انْتَهَى (وَإِنْ تَلِفَ سَقْفُ الدَّارِ وَنَحْوَهُ) كَبَعْضِ أَبْنِيَتِهَا (فَكَتَلَفِ أَحَدِ عَبْدَيْ الصَّفْقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي فَكَذَا هُنَا (لَا كَالتَّعَيُّبِ) بِسُقُوطِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ السَّقْفَ وَنَحْوَهُ يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا فَكَانَتْ كَالتَّعَيُّبِ بِفَوَاتِ وَصْفٍ فَلَا يُقَابِلُ سُقُوطَهَا بِعِوَضٍ
(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا الِاشْتِرَاكُ فِيهِ وَ) لَا (التَّوْلِيَةُ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ لِخَبَرِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلُهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِلَا يَصِحُّ نَصَّ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِلَا يَجُوزُ (وَكَذَا) لَا تَصِحُّ (الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ) وَالصَّدَقَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِقْرَاضُ) لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَا جَعْلُهُ عِوَضًا) فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ (مِنْ الْبَائِعِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ لَكِنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الرَّهْنِ مِنْهُ إذَا رَهَنَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ (إلَّا أَنْ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَهُ إذْ هُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ) نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ.
وَالْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لَكِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَأَخَذَ الشَّيْخَانِ بِالْأُولَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى وَالْأَصْحَابُ تَارَةً يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِلَا ثَمَنٍ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لَا سَلَمًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَمْ يُطْلِقُوا الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ بَلْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ وَفِي أَنَّ النَّذْرَ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْجَائِزِ وَفِي أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ لَا هَذَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْأَنْوَارِ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ بَيْعٌ فَلَا يَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ثُمَّ كَلَامُهُمْ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالْمَعْرُوفِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَذَاكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُهُ بِثَمَنِهِ وَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ إلَخْ) أَيْ عَيَّبَهُ تَعَيُّبًا يَضْمَنُ لَا لِدَفْعٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ) أَوْضَحَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمَرْأَةَ لَمْ يَتَصَرَّفَا فِي مِلْكِهِمَا بَلْ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا فَلَا يَكُونَانِ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لِلْقَاطِعِ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ لِحَقِّ الْإِرْثِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ
[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا بَعْدَهُ مَا بَقِيَ خِيَارُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ) أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَلَهُ إجَارَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا قَبْضُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ) أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى إلَخْ) وَتَارَةً لَا يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَلَا الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا سَلَمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute