للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْأَةَ التَّكَشُّفُ) مَعَهَا (أَوْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فِي الْبَدَنِ) يَعْنِي وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَا سِوَى السَّوْأَتَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ الْبَدَنِ إلَّا لِحَاجَةٍ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ (وَمُطْلَقًا فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إلَّا لِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْقَلَاقَةِ وَالْإِجْحَافِ وَمُلَخَّصُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا مَا عَدَا السَّوْأَتَيْنِ تَأَكُّدُهَا بِأَنْ يَكُونَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَشِدَّةِ الضَّنَا، وَفِي السَّوْأَتَيْنِ مَزِيدُ تَأْكِيدِهَا بِأَنْ لَا يُعَدَّ التَّكَشُّفُ بِسَبَبِهَا هَتْكًا لِلْمَرْأَةِ وَالضَّبْطِ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ امْتَنَعَ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ

(وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ وَالثَّدْيِ لِلشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا وَالْوِلَادَةِ) فِي الْأُولَى (وَ) فِي (الرَّضَاعِ) فِي الثَّانِيَةِ لِظُهُورِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ

(فَصْلٌ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَخَطَبَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ (وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ) رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ لِمَفْهُومِ آيَةِ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] وَلِلْإِجْمَاعِ.

(وَتَجُوزُ) الْخِطْبَةُ (تَعْرِيضًا فِي عِدَّةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) لِهَذِهِ الْآيَةِ وَلِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خِطْبَتُهَا لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ (وَالتَّعْرِيضُ) مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ (جَمِيلَةٌ وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيك) وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك وَلَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك (وَلَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك، وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَلَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ، وَهِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ كَقَوْلِك فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ لِلطَّوِيلِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ لِلْمِضْيَافِ وَمِثَالُهَا هُنَا لِلتَّصْرِيحِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِك، وَلِلتَّعْرِيضِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ أَوْ الِاحْتِمَالُ لَهَا فَتَعْرِيضٌ وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ الْمُقَرَّرِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالتَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ مِنْهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ هُنَا بِالتَّصْرِيحِ ثَمَّ.

(وَلِجَوَابِهَا) أَيْ الْخِطْبَةِ مِمَّنْ يَعْتَبِرُ إجَابَتَهُ (حُكْمُ خِطَابِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا فِيمَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ وَلِجَوَابِهَا حُكْمُهَا كَانَ أَخْصَرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ

(فَرْعٌ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِخِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ) وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْرِضْ لِخَبَرِ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالتَّقَاطُعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَإِعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَإِعْرَاضِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَصَبِيٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَصَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ كَافِرٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَحْرَمُهَا الْمُسْلِمُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَحْرَمُهَا الْكَافِرُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَامْرَأَةٌ كَافِرَةٌ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَأَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَجْنَبِيٌّ كَافِرٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيَكُونُ الْمَفْهُومُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْغُنْيَةِ رَأَيْت فِي الْكَافِي لَوْ كَانَ بِعَوْرَةِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ عِلَّةٌ جَازَ لِلطَّبِيبِ الْأَمِينِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِمَا لِلْمُعَالَجَةِ كَمَا فِي الْخِتَانِ اهـ فَقَوْلُهُ الْأَمِينُ قَيْدٌ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا مِمَّا أَهْمَلُوهُ هُنَا نَظَرُ النِّسْوَةِ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَبَالَتَهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّمْكِينِ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمُفْضَاةِ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ الْتَحَمَ وَأَنْكَرَتْ وَالنَّظَرُ إلَى عَانَةِ الْكَافِرِ لِيَعْلَمَ هَلْ أَنْبَتَ أَمْ لَا ر

[فَصْلٌ اسْتِحْبَاب الْخِطْبَةُ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ) أَيْ لِمَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ دُونَ غَيْرِهِ حَتَّى تُكْرَهَ لِمَنْ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ نَعَمْ الْمُحْرِمُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَتُكْرَهُ لَهُ الْخِطْبَةُ وَيُكْرَهُ أَيْضًا لِلْحَلَالِ خِطْبَةُ الْمُحْرِمَةِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهَا لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَفْرَشَةً لِسَيِّدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَرُبَّمَا جَرَّ إلَى فَسَادٍ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ لَهُ خِطْبَةُ مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا فِي الْحَلَالِ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْبِكْرِ فَاقِدَةِ الْمُجْبِرِ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِيَقَعَ التَّزْوِيجُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ.

(قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَنَّ وَثَنِيَّيْنِ أَقَامَا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا عَلَى زَوْجَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَثَنِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَعْرِضَ بِنِكَاحِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ زَوْجَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ اهـ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَدَّةُ بِالرِّدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ اهـ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْخِطْبَةِ وَلَوْ كَانَ فِي نِكَاحِ الْخَاطِبِ أَرْبَعٌ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِتَحْرِيمِهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعٌ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْقَصْدُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا قَالَ وَقِيَاسُهُ يَجْرِي فِي زَوْجٍ خَطَبَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ وَفِي هَذَا بُعْدٌ. اهـ.

[فَرْعٌ الْخِطْبَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِخِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ]

(وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ) شَمِلَ مَا لَوْ خَطَبَ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا إلَخْ) أَمَّا الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ فِي إهْدَارِ الدَّمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيذَاؤُهُ ج وَلَوْ خَطَبَ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً فَقَالَ إنْ أَجَبْتُونِي أَسْلَمْت وَتَزَوَّجْتهَا فَأَجَابَهُ الْوَلِيُّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَهَلْ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْلَمَ يُحْتَمَلُ الْجَوَازُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا لَوْ خَطَبَ الْمُسْلِمَةَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>