للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَيْءٍ لِمَا يَسْتَوْفِيهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهُ (عَلَى السَّيِّدِ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا (وَيُنْفَقُ) عَلَيْهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ الْعَاجِزِينَ لَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (فَلَوْ فَسَخَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ (الْمُسْتَأْجِرُ) الْإِجَارَةَ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِالْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ (مَلَكَ) الْعَتِيقُ (مَنَافِعَ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا وَقِيلَ هِيَ لِلسَّيِّدِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ الْآتِيَ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي ثَمَّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّقًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْمُعْتِقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي (وَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ) لَهُ (فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ) فِي الْمُدَّةِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُ (عَلَيْهِ) كَمُوَرِّثِهِ (وَإِجَارَتُهُ أُمَّ الْوَلَدِ كَإِجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فِي الْمُدَّةِ لَا فِيمَا مَضَى وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فِي الْمُدَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَ نَفْسَهُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ فَاخْتُصَّ السَّيِّدُ بِمَا كَانَ عَلَى مِلْكِهِ وَأُمَّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ إيجَارُهَا قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ (وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالصِّفَةِ) الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فِيمَا تَقَرَّرَ فِيهِ (لَكِنَّ وُجُودَهَا) يَعْنِي وُجُودَ الصِّفَةِ الَّتِي يُعْلَمُ وُقُوعُهَا فِي الْمُدَّةِ (كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالسِّنِّ) فِيهَا (فَلَا يُؤَجِّرُهُ مُدَّةً تُوجَدُ الصِّفَةُ فِيهَا) كَمَا لَا يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، وَكَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ الْمُدَبَّرُ.

(فَصْلٌ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ) الْعَبْدِ (الْمُؤَجَّرِ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَجَّرَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ ثُمَّ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَقَدْ بَطَلَ أَيْ فَزَالَ أَثَرُهُ لِذَلِكَ مَعَ ضَعْفِ مِلْكِهِ (وَإِنْ أَجَّرَ دَارًا بِعَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ انْهَدَمَتْ) أَيْ الدَّارُ (فَالرُّجُوعُ إلَى قِيمَتِهِ) ثَابِتٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ.

[فَصْلٌ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ]

(فَصْلٌ بَيْعُ الْعَيْنِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهِبَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) لَهَا (صَحِيحٌ) لِوُرُودِهَا عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ كَبَيْعِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ شَرْعِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ (فَيَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالْإِجَارَةُ) فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ أَوَّلًا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا فَلَا يَبْطُلُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ تَبِعَتْهَا الْمَنَافِعُ لَوْلَا الْمِلْكُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ مَلَكَ ثَمَرَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّجَرَةَ لَا يَبْطُلُ مِلْكُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الشِّرَاءِ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوَّلًا (فَإِنْ انْفَسَخَ أَحَدُهُمَا) بِفَسْخٍ أَوْ بِدُونِهِ (بَقِيَ الْآخَرُ فَلَوْ أَجَّرَهُ الْعَيْنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ (وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ إجَارَتُهَا كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ صِحَّتِهَا كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّهُ تَسَمَّحَ فِي نِسْبَةِ التَّصْرِيحِ إلَيْهِمَا وَإِنْ كُنْت تَبِعْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَهَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ أَجَّرَهَا أَبُوهُ مِنْهُ) أَيْ أَجَّرَ الْأَبُ عَيْنًا مِنْ ابْنِهِ (ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْمِلْكِ (وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ) أَيْ فَائِدَةُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ (حِينَ يَسْتَغْرِقُ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ) فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَذِكْرُ الِاسْتِغْرَاقِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي ظُهُورِ الْفَائِدَةِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ) حَكَى الْمُتَوَلِّي هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ وَالْمُتَّجَهُ رُجُوعُهَا لِلْوَرَثَةِ وَمِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا أَجَّرَ دَارِهِ، ثُمَّ وَقَفَهَا، أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ، أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ قَالَ شَيْخُنَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْمَنَافِعِ لِلْعَتِيقِ بِكَوْنِهِ مُتَقَرَّبًا بِهِ إلَى آخِرِهِ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَكِنْ سَيَأْتِي بِخَطِّ الْوَالِدِ فِي الصَّفْحَةِ الْمُقَابِلَةِ لِهَذِهِ أَنَّهَا تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَةِ النَّوَوِيِّ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا صَحَّحَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ وَالْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُمَا بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، أَوْ مِنْ أَصْلِهِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَإِلَّا فَلِلْعَتِيقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ رَفْعُهُ مِنْ حِينِهِ. اهـ. مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْعِتْقَ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي النُّفُوذَ فِي الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ جَمِيعًا إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ السَّابِقَةَ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا انْفَسَخَتْ خَلَصَ الْمِلْكُ لِلَّهِ بِحَقِّ الْعِتْقِ الْوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَعْطَى عَنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَعْتَقَ، ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ فِي صُورَةِ الْفَسْخِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ شَطْرُهُ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُمَلِّكَ جَرَى فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا لَمَّا جَرَى الْفَسْخُ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَلَى قَاعِدَةِ السِّرَايَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ يَقْتَضِي السِّرَايَةَ إلَى الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ فَإِذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ، ثُمَّ زَالَ سَرَى كَمَا نَقُولُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا السَّيِّدُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فَإِذَا أَزَالَ الرَّهْنَ نَفَذَ كَذَلِكَ نَقُولُ هَاهُنَا إذَا زَالَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِتْقَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُفَارِقُ (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ) وَالْمُدَبَّرِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ.

[فَصْلٌ مُكَاتَبَةُ الْعَبْدِ الْمُؤَجَّرِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنَافِعَ إلَخْ) وَلِهَذَا يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَيْنَ إلَخْ) وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْهُ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِاسْتِيفَائِهِ وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ فَالْمَذْهَبُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِمَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>