للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا) شَهِدُوا شَهَادَةً ثُمَّ (أَعَادُوهَا بَعْدَ الْكَمَالِ قُبِلَتْ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يُتَّهَمُونَ لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لَيْسَ إلَيْهِمَا وَالْكَافِرُ لَا يَعْتَقِدُ كُفْرَهُ نَقْصًا بَلْ يَفْتَخِرُ بِهِ وَلَا يُبَالِي بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُعْلِنِ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لِلتُّهْمَةِ (وَلَوْ شَهِدَ) السَّيِّدُ (لِمُكَاتَبِهِ) أَوْ مَأْذُونِهِ (بِمَالٍ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ انْدِمَالٍ) لَهَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالِانْدِمَالِ لَمْ تُقْبَلْ. كَمَا لَوْ شَهِدَ شَفِيعَانِ بِعَفْوِ)

الشَّفِيعِ (الثَّالِثِ) قَبْلَ عَفْوِهِمَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (ثُمَّ أَعَادَاهَا بَعْدَ عَفْوِهِمَا وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ (لِفِسْقِ الْأَصْلِ فَتَابَ) الْأَصْلُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ تُقْبَلْ) لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِفِسْقِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ

(فَصْلٌ وَلَوْ شَهِدَ فِي غَيْرِ) شَهَادَةِ (الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى وَكَذَا) بَعْدَهَا لَكِنْ (قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ) بِهِ (رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا فِي شَهَادَاتِهِ بَلْ فِي شَهَادَتِهِ (بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا وَلَا فِيهَا إذَا اُسْتُشْهِدَ (فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) بَلْ أَوْ فِي مَجْلِسِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالْأَنْوَارِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَادَهَا بِالِاسْتِشْهَادِ قُبِلَتْ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ (فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اخْتَبَأَ) فِي زَاوِيَةٍ (لِيَسْتَمِعَ) مَا يُشْهَدُ بِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُوَا إلَيْهِ كَأَنْ يُقِرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا خَلَا بِهِ الْمُسْتَحِقُّ وَيَجْحَدُ إذَا حَضَرَ غَيْرُهُ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يُخْبِرَ الْخَصْمَ بِأَنَّهُ اخْتَبَأَ) وَشَهِدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي (وَإِنْ قَالَا) أَيْ اثْنَانِ لِثَالِثٍ (حَاسِبِ بَيْنَنَا) لِنَتَصَادَقَ (وَلَا تَشْهَدْ) عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي (فَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ) بِمَا جَرَى وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) وَالْأَصْلُ فِي قَبُولِهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ (كَالْحُدُودِ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا) أَيْ سَتْرُ مُوجِبَاتِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا وَكَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا.

(وَكَذَا تُقْبَلُ فِيمَا لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ (كَالطَّلَاقِ) رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِتَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ (لَا فِي مَالِ الْخُلْعِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ فِرَاقِهِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ فِي فِرَاقِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمَالِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ (وَكَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا) فِي (عَقْدَيْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ) وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ بِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِهِمَا (وَ) لَا فِي (شِرَاءِ الْقَرِيبِ) الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ) فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ شَهِدُوا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَلَوْ مُرْتَدًّا) وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ قُبِلَتْ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُرْتَدَّ الْمُظْهِرَ لِلرِّدَّةِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسِرِّ لِلْكُفْرِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ إلَخْ) مَثَلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِالْجِرَاحَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ حَدَثَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ يَحْجُبُهُ فَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ شَهِدَ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى]

(قَوْلُهُ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَاذِبِ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ) إذْ قَدْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ فِي صُوَرٍ وَقَدْ تَجِبُ فِي صُوَرٍ وَتَجُوزُ فِي صُورَةٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ عَلَى سُرْعَةِ إجَابَةِ الشَّاهِدِ إذَا اُسْتُشْهِدَ فَلَا يَمْنَعُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا وَقِيلَ عَلَى حَقِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بَيْنَ مَا لَيْسَ لِلشَّاهِدِ فِيهِ عَلَقَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ بَعْدَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا جَاءَ وَقَالَ بَيْنَ بِنْتِي وَفُلَانٍ خَاطِبِهَا رَضَاعٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَعَلَى هَذَا إذَا جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) أَيْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ تَقَدَّمَتْ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَمِنْ فَوَائِدِ سَمَاعِهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعِي إيَّاهَا وَلِهَذَا قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الدَّعْوَى وَكَذَّبَتْ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَاهَا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْفَرْقِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَأَثْبَتْنَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْعِتْقَ مِنْ غَيْرِ مَالٍ لَكَانَ إجْحَافًا بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>